فاروق كيوركيس ـ
فرنسا
(رد حول
مقال الاب
نويل
فرمان حول كاريسما الوحدة..)
انتابتني
خيبة أمل كبيرة وانا أطالع
موضوع
الاب نويل فرمان السناطي تحت عنوان : ( مار باوي سورو..كاريسما الوحدة
بالحكمة
والشجاعة ) المنشور في موقع عنكاوة كوم ، بسبب ما تضمنه الموضوع من تناقض
وازدواجية وفهم قاصر لمفهوم الوحدة الكنسية المنشودة ناهيك عن اللاموضوعية في
طرح
الامور
والكيل بمكيالين والاصطفاف مع الاتجاه المعاكس لكنيسة المشرق الاشورية .. في
الوقت
الذي يفترض بالاب نويل ان يكون موضوعيا وواقعيا وامينا للحقيقة لكونه كاهن
اولا ،
ولكونه مهتم بكتابة موضيع تخص الشأن الوحدوي ثانيا ، لذلك سوف أرد هنا على
الموضوع
موضحا النقاط التالية للقراء الاعزاء
:
أولا ـ
يستطيع القاريء
العزيز
ان يكشف بسهولة مدى التأييد الذي يبديه الاب نويل فرمان للاسقف مار باوي من
خلال
كلمات المديح والاطراء التي يكيلها له مثل كاريسما الوحدة والحكمة والشجاعة..
والتصريحات المتناظرة.. والتجربة والحركة التصحيحية.. والرونق الروحي
الانجيلي ..والاصوات
النبوية المواهبية وغيرها، وكل هذا من اجل تصوير الاسقف مار باوي على
انه
يكافح من اجل الوحدة الكنسية ويسهر ليل نهار في سبيل ذلك .. في الوقت الذي لم
يتطرق
الاب نويل فرمان الى الاجراءات والقرارات التي اتخذها المجلس السنهاديقي
لكنيسة
المشرق بحق الاسقف مار باوي .. ان الاب نويل فرمان يحاول ان يقنع القراء او
يوحي لهم
بان كنيسة المشرق برئاستها ومجلسها السنهاديقي وبكل كهنتها وابنائها
ورعياتها
في العالم هي المخطئة وان الاسقف مار باوي ــ وبرغم خروجه عن طاعة رؤسائه
وارتكابه
للعديد من الاخطاء والمخالفات واستحواذه على ممتلكات الكنيسة والتهديد
بالمحاكم
ــ هو على حق لمجرد ادعاءه بالوحدة ، فلو كان هذا الكلام صادر من شخص عادي
لقلنا
انها مصيبة، ولكن ان تصدر من كاهن له من الخبرة والدراية بالقوانين الكنسية
فانها
بلا شك مصيبة عظمى .. فما نستشفه من المقال ان الاب نويل فرمان ، لا يولي أي
اعتبار
لقرارات المجلس السنهاديقي لكنيسة المشرق بحق الاسقف مار باوي ، وانه يتصرف
أة يكتب
ويكيل المديح لهذا الاسقف ويصفه ( بالوحدوي ) وكأنه غير موقوف .. طيب يا أب
نويل ..
كيف تسعى الى الوحدة مع كنيسة وانت أصلا لا تعترف بقراراتها ؟؟؟؟
ثانيا
ـ ذكر
الاب نويل فرمان في مقاله... ( ان سيادة المطران ينوي التوعية بشان الخطوة
التي
يفكر ان يخطوها مع الملتفين حوله ... وان سيادته يقدم نوعا من التصريح
المتناظر
... وان حركة الاسقف الشاب تحررت من غلال الشؤون المادية لتفصح مع الزمن
القادم
عن رونقها الروحي الانجيلي المسكوني الوحدوي ) ..والخ . من هنا نرى ان
الاب
نويل قد غابت عنه حقيقة اساسية .. وهي جوهر العقيدة المسيحية المبنية على
(
دواختا الاهيتا ) أي التضحية الالاهية ، عندما ضحى الاب بابنه الوحيد من اجل
خلاص
البشر ،
والتي انبثقت عنها كنيسة الرب يسوع المسيح له المجد لتضم اليوم الملايين
من البشر
بفضل الاسس الجوهرية لهذه العقيدة المبنية على الكرازة بالوصايا والايمان
والتضحية
والمحبة والسلام والتي بدأها الرب يسوع اولا ومن ثم التلاميذ والرسل وجميع
الذين
كانوا أمناء على الرسالة المسيحية .. لذلك فان ما أريد توكيده هنا هو ان
هناك
طريقا واحدا يؤدي الى العقيدة المسيحية والى الخلاص وهذا الطريق هو نفسه
الطريق
الذي بدأه الرب يسوع المسيح.. طريق الالام حاملا الصليب على كتفه الى جلجثة
، وهو
ذات الطريق الذي سار عليه التلاميذ والرسل الاوائل وجميع الذين جاءوا من
بعدهم
والى يومنا هذا.. ان كل هؤلاء الذين نذروا حياتهم للبشارة بكلمة الرب وضحوا
بحياتهم
من أجل حمل لواء المسيحية الى
كافة
ارجاء المعمورة كان لهم هدف واحد
وكان لهم
طريق واحد كما بينا اعلاه ووضعوا الشهادة في سبيل المسيحية نصب اعينهم
ولم
يهتموا مطلقا بمتاع الحياة الدنيوية ولم يرتبطوا بتحالفات ولم يعرفوا
المناورة
ولم
يفضلوا بقعة من الارض على غيرها ، لانهم كانوا يؤمنون ان المسيح في كل مكان
... لذلك
اسألك ايها الاب فرمان نويل .. الا ترى ان الاسقف مار باوي قد حاد عن الطريق
الذي
عبده الرسل والقديسين بجماجمهم.. فكما تعلم ايها الاب فرمان ان الاسقف ما
باوي قد
قضى سنين طويلة في درجته الاسقفية وقبلها بالطبع كان خادما وكاهنا لسنين
اخرى
..فالمفروض به كمؤمن بالمسيحية ان يكون قد اختار الطريق الحق الوحيد المؤدي
الى
الخلاص وخدمة المسيحية مستنيرا بالرسل الاوائل الذين بشروا بالمسيحية
واستشهدوا
في
سبيلها والذين لم يستطع أي شئ ان يزعزع ايمانهم ..الا ان الذي نراه في حالة
اسقفنا
الموقر انه يعتقد ان الطريق الى المسيحية هو الطريق الذي يختاره هو وليس
الطريق
الذي تسير فيه كنيسة المشرق الرسولية .. وانه يعتقد ان خدمة المسيحية
والتبشير
بها لا يمكن ان يكون في ايران او روسيا وغيرها وانما يكون فقط في
كاليفورنيا وامريكا..وان خدمة كلمة الرب والتبشير بها لا يمكن ان تتم الا
بامتلاكه
شخصيا
لكنائس واملاك واموال الكنيسة .. وان خدمة المسيحية لا تتم الا بالتحالف مع
بعض
السياسيين .
ثم ألا
ترى أيها الاب فرمان ان الاسقف الوحدوي يلجأ الى تغيير
مواقفه
واهدافه ونواياه بحسب الظروف وعلى ضوء ما يطلبه منه الاخرون ؟ ففي البداية
فان
الاسقف مار باوي وبصورة سرية وبدون علم رئاسة الكنيسة قام بتحويل كافة
الكنائس
والممتلكات والاموال من ملكية الكنيسة الى ملكيته الخاصة.. ولكن بعد
انكشاف
هذا الامر ، حاولت رئاسة الكنيسة حل الموضوع بصورة عقلانية وبما يتيح للاسقف
مار باوي
فرصة لاصلاح الخطأ الذي وقع فيه وذلك من خلال قرار رئاسة الكنيسة لنقل
الاسقف
الى رعية الكنيسة في ايران وروسيا بغية حل القضية بسلام وبدون اثارة اية
شكوك حول
الموضوع .. الا ان مار باوي وبدلا من ان يعترف بذنبه ويطلب المغفرة من
الكنيسة
ويشكرها على الفرصة التي منحتها له لاصلاح خطئه .. نراه يعلن رفضه للقرار
وبرر
رفضه هذا بالادعاء ان الكنيسة انما تعاقبه بنقله
الى روسيا وايران لانه
يريد
توحيد كنائس المشرق ، وان رئاسة كنيسة المشرق الاثورية تقف بالضد من هذه
المحاولة( متناسيا ان اصدار اوامر النقل من مكان الى اخر من اجل خدمة كلمة
الرب
والتبشير
بها في أي بقعة من العالم هي امانة مقدسة ومن الامور العادية وهي ليست
عقوبة
مطلقا ) .. وفي سابقة خطيرة قام باطلاق تهديداته للآباء رؤساء الكنيسة بعدم
التقرب
من الممتلكات التي اصبحت من ضمن املاكه الخاصة وانه سوف يستعين ب ( اف
. بي.آي
) .. واكد لهم قائلا .. ان كنتم ترغبون باستعادة ممتلكات الكنيسة فليس امامكم
الا
المحاكم . وهكذا لم يكن أمام الكنيسة من خيار اخر سوى اللجوء الى المحاكم .
وقد
استمر
الاسقف المحترم و معه الملتفين حوله طيلة فترة المحاكمات بالانتقاص من هيبة
وقيمة
الاباء والرؤساء في الكنيسة وتم نعتهم بمختلف النعوت الغير لائقة وغيرها
.. الا
ان المنعطف الكبير الذي حصل في حركة مار مار باوي ، كان بعد صدور قرار
المحكمة
العادل
باعادة الحق الى أصحاب الحق ، حيث نرى ان الاسقف الوحدوي قد غير اتجاه حركته
بمقدار
مئة وثمانين درجة وذلك عندما اعلن بانه ينوي التفاوض للالتحاق اما بالكنيسة
الكلدانية او بالكنيسة الشرقية القديمة ، كالتائه في الصحراء لا يعرف .. هل
يذهب
الى
الشرق أم الى الغرب .. واكثر الظن ان هذا القرار والاعلان المفاجئ قد جاء
بعد
تجريده
من كافة الممتلكات المادية التي كانت بحوزته ، لذلك وتعليقا على ما ذكره
الاب
نويل من( ان حركة الاسقف الشاب تحررت من غلال الشؤون المادية لتفصح مع الزمن
القادم
عن رونقها الروحي الانجيلي المسكوني الوحدوي ) أقول ان الصحيح هو ان قرار
المحكمة
قد حرر الممتلكات من سيطرة الاسقف مار باوي ولولا ذلك القرار لبقيت تلك
الممتلكات تحت سيطرته الى اليوم وهو ما لا يتطابق ومقولة الاب نويل بتحرر
حركة
الاسقف
الشاب كما ذكرنا اعلاه ، ويبقى السؤال الاهم ..اين الثبات في العقيدة
المسيحية
واين اصبح الطريق الحق الذي سار فيه الرب ورسله وتلاميذه وجميع الذين
خدموا
الكنيسة أزاء هذا التذبذب في مواقف الاسقف الوحدوي التي تتسم بالتكتيك
والمناورة ( في تسجيل صوتي له يقول .. أنا استطيع ان أؤسس كنيسة جديدة ،
ولكنني
أريدها
كنيسة رسولية ) بمعنى لو ان الظروف سمحت له بتأسيس كنيسة رسولية لأضاف
كنيسة
أخرى الى الكنائس الحالية .. أفلا ترى ايها الاب نويل اننا امام حالة غريبة
من
السلوك والتصرف وامام مفاهيم وحدوية جديدة ؟؟
أم انها
التصريحات المتناظرة
؟؟
ثالثا ــ
جاء في مقال الاب نويل عبارتين تثير الاستغراب.. يقول في الاولى
( ان
الدعوة الى تشجيع خطوات الاتحاد باتجاه الكنيسة الشرقية القديمة تستهدف ضمانا
اكبر
لبقاء جناح مار باوي في المحور القومي الاشوري )وفي الثانية يقول ( وهكذا ان
انضواء
الحركة التصحيحية المسكونية الوحدوية الى الكنيسة الشرقية القديمة كفيل بان
يعطيها
المزيد من الدفع في خطواتها الايجابية ) ..انا في تقديري ان هاتين العبارتين
لا تحتاج
الى تعليق ، لانها واضحة جدا ، فهو يريد ان يوجه رسالة الى الاسقف مار
باوي
فحواها ومضمونها يقول .. نحن في الكنيسة الكلدانية لسنا بحاجة اليك ولسنا
بحاجة
الى مشاريعك الوحدوية لان كنيستنا الكلدانية متحدة اصلا مع كنيسة روما.. وبما
انك لم
تستطع من الحاق كنيسة المشرق الاشورية بكنيسة روما.. فعلى الاقل هات لنا
الكنيسة
الشرقية القديمة ،لانه بخلاف هذا .. لو كان حقا الاسقف مار باوي يتصف بكل
تلك
الصفات ، فكان الاولى بالاب نويل ان يجاهد ليل نهار من اجل كسبه الى الكنيسة
الكلدانية وان يطالب رؤسائه بفتح ابواب الكنيسة له على مصراعيها ، لا ان يطلب
منه
الالتحاق
بالكنيسة الشرقية القديمة .. وهكذا نفهم ان الاسقف الوحدوي قد اصبح ضيفا
ثقيلا
وربما ستنتفي الحاجة اليه اجلا ام عاجلا
.
رابعا ــ
ولعل اغرب ما يمكن لنا
ان
نفهمه من من طروحات الاب نويل فرمان هو محاولته اقناعنا بان الوحدة الكنسية
لا
يمكن ان
تتحقق الا من خلال الالتحاق بكنسية روما ولكن من دون ان يتمكن من توضيح أي
مبرر
لذلك ( سوى اقتناعه الشخصي المطلق بان الكنيسة الكاثوليكية هي وريثة مار بطرس
) على
الرغم من عدم وجود اية اشارة في الانجيل تثبت انه قد اسس كنيسة في روما ، في
الوقت
الذي نجد دليلا قاطعا في الانجيل على ان مار بطرس قد اسس أول كنيسة في بيت
نهرين في
بابل.
وكما جاء
في رسالة بطرس الاولى 13:5.. هذا من جانب ، ومن الجانب
الاخر
فأعتقد ان الاب نويل فرمان يدرك تماما ان الروابط القوية والمتينة التي تربط
الكنيسة
الكلدانية بكنيسة المشرق كفيلة تماما بوحدة الكنيسة المشرقية،
لاننا
لو قارنا
تلك الروابط بالرابطة التي تربط الكنيسة الكلدانية بكنيسة روما لوجدناها
مجرد
رابطة ادارية او بالاحرى انها رابطة تقع ضمن المحاولات القديمة لكنيسة روما
بضم جميع
الكنائس المسيحية اليها علما ان كنيسة روما قد تخلت عن هذا الهدف في
السنوات
الاخيرة (بالامكان المشاركة في قداس لاْي كنيسة كاثوليكية غربية ومقارنته
بقداس
كنيسة المشرق .. سوف يؤكد ضعف الرابطة التي اشرنا اليها ).. ولمعلومات القراء
الاعزاء
اود ان ابين ان كنيسة المشرق الاشورية والكلدانية تتبع قداس وطقس واحد هو
القداس
الذي وضعه الرسولين الطوباويين مار أدي و مار ماري من الاثنين وسبعين رسولا
الى
يومنا هذا ، وبالرغم من الرابطة المسيحية التي تربط كل المسحيين في العالم ،
الا انه
يمكن لنا او يحق لنا ان نفتخر بكنيسة المشرق على انها أم الكنائس وانها
كنيسة
الشهداء و يقينا لا توجد كنيسة اخرى توازيها في أصالتها وعراقتها ، وغناها
بموروثها
الحضاري والثقافي المقترن بحضارة بيت نهرين ، ومما يزيدنا فخرا ان كنيستنا
المشرقية
وبرغم محاولات القضاء عليها وبرغم الهجمات والمؤامرات التي تعرضت لها
وبرغم
ملايين الشهداء ، الا انها بقيت وفية و أمينة لرسالة وكلمة الرب فكان الرب
ايضا
أمينا على وعده بحماية كنيسته التي اقتناها بدمه الزكي .. لذلك أتوجه بالسؤال
الى الاب
نويل واقول له .. هل ان كنيسة المشرق فعلا هي كنيسة مجهرية ؟؟؟
وفي
الختام
لا بد ان أؤكد على نقطة جوهرية اساسية وهي اننا قد نختلف مع بعضنا في بعض
التفاصيل
الثانوية والفرعية ولكن يجب علينا دائما ان نحافظ على
المعايير
الصحيحة في التعامل واحترام الاخرين وان نبتعد عن الانتهازية وخلط
الامور
.. وها هي قصة مار باوي تثبت لنا ان الكثيرين ما زالوا اسرى لاحداث وعقد
الماضي
.. فقاموا بمساندته وتاييده نكاية بكنيسة المشرق الاشورية بسبب الاختلاف
الذي
اشرت اليه اعلاه ، في الوقت الذي كان يفترض بهم ان يساندوا رئاسة الكنيسة
ومجلسها
السنهادوقي ، والدليل على ذلك ان معظم الذين ساندوا الاسقف مار باوي انما
ساندوه
ليلعب دورا في اضعاف و عدم استقرار كنيسة المشرق الاشورية ، ولكن عندما
فشلت
محاولاته في تحقيق هذه الغاية وقيامه بالاعلان عن رغبته بالتفاوض للانضمام
الى
الكنيسة
الكلدانية او الى الكنيسة الشرقية القديمة .. فان أي من الكنيستين لم تعلن
لحد الان
عن رغبتها في قبوله مما يؤكد بما لا يقبل الشك انه سيكون ضيفا ثقيلا اينما
حل
.
gorguis_farouk@hotmail.com
|