قرى آشورية مشاريع حكم ذاتي مواقع الكترونية رياضة كتب فنون الأعلام الاشوريون فولكلور آشوري التاريخ الاشوري مقابلات وثائق مقالات الصفحة الرئيسية
 

من سيظفر بالسلطة الزمنية، السياسيون (الكلدان) أم رجال الكنيسة الكلدانية؟

 

يوسف شيخالي- أريزونا

أسئلة كثيرة تطرح نفسها اليوم حول تأسيس (تنظيمات سياسية كلدانية) وتنظيمات واجهة  أيضا، تدعي بالكلدانية كقومية مستقلة ليس لها صلة بالقومية الاشورية، ومن هذه الاسئلة:

هل ان هذا الاتجاه هو حصيلة مشاعر حقيقية للإنتماء القومي للكلدان القدامى؟

هل هي محاولة الكنيسة الكلدانية ورؤسائها للسيطرة على السلطة الزمنية؟

هل هناك مؤامرة تحيكها قوى عالمية ومحلية من أجل وضع اليد او السيطرة على مقدرات الشعب الاشوري المسيحي بكافة طوائفه كما حدث خلال الحربين الكونيين؟

كل هذه الأسئلة وكثير غيرها تحتاج الى أجوبة، وكل سؤال نجد له جوابا سيزيد المسيرة القومية قوة ومناعة، وكل لغز يحل تكون محصلته ترسيخ الوعي القومي، وكل دسيسة تكشف وتبيد ستعطي زخما إضافيا للمسير القومية الآشورية.

كانت الكنيسة الشرقية (الاشورية) تتزعم الحركة القومية الاشورية والسلطة الزمنية وتطالب وتعمل من اجل الحصول على الحقوق المصيرية للاشوريين، وهذه الحركة القومية كانت اشورية شاملة، تضم كافة الفئات والطوائف الدينية الاشورية. لذلك كانت هذه الكنيسة وللمسؤولية القومية الكبيرة الملقاة على عاتقها تتلقى جميع أشكال القمع والاضطهادات.. أما الكنيسة الكلدانية فقد كانت تتمتع بالأمان والرفاه بسبب الدعم الخارجي من الفاتيكان، وسياستها المرنة اتجاه السلطات المحلية في العراق وجواره..

على النطاق القومي فقد اتبعت الكنيسة الكلدانية سياسة التضليل والتحريف، فظهرت مصطلحات مثل «الأمة الكلدانية»، «الشعب الكلداني»...الخ. ونتيجة لذلك اصبح أتباع الكنيسة الكلدانية غرباءا عن القومية، مما حدا بهم العمل في الأحزاب والمنظمات المحلية والعالمية. وبُعدهم عن العمل القومي نتج عنه خفوت الوعي القومي الآشوري، يقابله اكتساب إمكانات سياسية وثقافية كبيرة بالإضافة الى الامكانات المادية. لم توضب هذه الامكانات لخدمة الحركة القومية، بل على العكس عادوا بعض روؤساء الكنيسة الكلدانية وبعض السياسيون اليساريون.. وغيرهم يوضبونها من اجل ضرب الحركة القومية الاشورية وتفتيتها.

أود الاشارة الى مشكلتين رئيسيتين تواجه الكنيسة الكلدانية ذكرها لي مطران أربيل السابق حنا مرخو رحمه الله الذي توفي قبل عدة سنين في الاردن خلال عودته من امريكا الى الوطن:

المشكلة الاولى: تتعلق بالسلطات الادارية، فالبطريرك الكلداني سلطاته محدودة ضمن دولة او منطقة معينة، وسلطاته لا تصل الى مناطق تواجد الطائفة الكلدانية التي ترتقي الى مستوى (مطرانية). واليوم وهذا العدد الضخم الذي يعد بمئات الالاف من الطائفة الكلدانية في المهجر وبالاخص في امريكا واوربا جعل بعض روؤساء الكنيسة الذين لهم كل الحق بالاتصال المباشر بالفاتيكان ان يتنافسوا على سلطة الكنيسة، والذي راح البعض منهم يطمح بالحصول على السلطة الزمنية ايضا بالاضافة الى سلطاتهم الروحية. 

المشكلة الثانية: تكمن في ان الكنيسة الكلدانية كان لها حسب ذلك الوقت 16 مطرانا، ثمانية منهم كانوا من قرية واحدة وبذلك كان لهم اليد العليا بجميع القرارات التي كانت تتخذها الكنيسة، وهذا ما سهل للقس سرهد جمو الذي رسم اسقفا في تموز من عام 2002 والذي كان حلقة وصل بين الكنيسة الكلدانية في امريكا والفاتيكان، وممثل الكنيسة الكلدانية في لجنة الحوار مع الكنيسة الاشورية، ان يستغل هذا الوضع للوصول الى طموحات شخصية.

الكنيسة الكلدانية تمثل انتماء ديني ومذهبي، والاحزاب الكلدانية المصطنعة تمثل انتماء (قومي). وضمن هذه المعادلة، فإذا ما استلمت الكنيسة زمام السلطة فأنت ستعتبر كلداني بغض النظر عن كونك من سهول اورميا في إيران، من جبال حكياري في تركيا، من منكش في جبال العراق او من سهوله في بعشيقة او تلكيف.. فالكل متساوون تحت حكم الكنيسة. لكن الأمر مختلف تماما إذا ما اصبحت السلطة بيد (الحزب الكلداني) فالكلدانية ستصبح قضية قومية تتعلق بمصير شعب، بمعنى انك كلداني بغض النظر من انك تنتمي للكنيسة الشرقية أو السريانية او الكلدانية اوالبروتستانتية وغيرها..

واذا ما وصلت القضية الى من الذي سيظفر بالسلطة.. فالامور صارت متداخلة اليوم في الطائفة الكلدانية، خصوصا بعدما ألمح البطريرك الكلداني لزعامة السلطة الزمنية في إحدى خطبه.

لكن السؤال هو ما مدى النفوذ الكنسي في هذا المجال، إن دعم الكنيسة للاطراف الكلدانية بأغلب فئاتها ليس امراً مفاجئاً، لكنها ارتباطات مرحلية تنتهي بانتهاء الفوضى في العراق. وكل طرف سيظهر وجهه الحقيقي وتنتهي فترة شهر العسل.

فإن اتباع الكنيسة الكلدانية «الكلدان» بدون الاجتماع تحت راية الكنيسة الكلدانية هم عبارة عن فئات او عشائر التي يمكن أن يتنافر بعضها البعض الآخر.

والكلدان السياسيون اليوم يقفون الى جانب الكنيسة ضاهريا، لكنهم يقفون اكثر مع مبادئهم ومصالحهم العلمانية، والتي ستتعارض حتما ومصالح الكنيسة مما سيسبب مشاكل اضافية الى المشاكل الموجودة فعلا في الكنيسة الكلدانية كما اشرت اليها. فالانشقاقات الادارية ممكنة في الكنيسة الكلدانية، كما انها ممكنة بين ابناءها في ظل هذه الاستراتيجية الخاطئة.

وأخيراً ان ما يريده (القوميون الكلدان) ورجال الكنيسة اليوم، يذكرني بفلم كارتون قديم، فيه قط يملك  آلة تتكون من رجل خشبية مثبتة ومربوطة بحبل كلما جذب الحبل الى الاسفل تبدأ هذه الرجل الخشبية تركل مؤخرته. وبعد كل خيبة أمل تصيبه كان يعيد الكرة.

 

تغيير: 07.19.2021

 جميع المواضيع تعبر عن آراء كتابها وليست بالضرورة رأي الموسوعة