يوسف
شيخالي
كنت اشاهد من على شاشة فضائية عشتار، القداس الذي اقامه المطران
مار ربان في كنيسة مار قرداغ في اربيل بحضور قداسة البطرك مار
عمانوئيل دلي، بمناسبة مرور عام على تشييدها. ومن خلال الكلمة
التي القاها قداسة البطريرك، شعرت الالم والمرارة تعصره وهو يرى
العراق يدمر وابناء العراق يتقاتلون فيما بينهم، ويزيد من المه
حينما يرى ابنائه المسيحيون يُقتَلون او يُهَّجرون قسرا من
مناطقهم وبيوتهم.
تذكرت عندما كنت في المتوسطة وكان لي صديق اسمه محمد، الذي كنت
اعتبره من افضل اصدقائي وكان ابن عائلة من القوميون العرب. في
احد الايام وفي طريقنا الى المدرسة، وكانت فترة المظاهرات
والاضطرابات التي سبقت انقلاب 8 شباط المشؤوم وقتل الزعيم عبد
الكريم قاسم الذي كنت اضمر له حبا كبيرا. قال صديقي محمد:"...
وبعد الاطاحة بعبد الكريم، سوف نكتل [نقتل] المسيحيين وناخذ
نسوانهم". لم اصدق ما كنت اسمع! فقلت له ولكن انا مسيحي وكيف
سيكون ذلك؟ قال لا انت صديقي وانا ساقوم بحمايتك. حزنت كثيرا لان
اسمع كل ذلك من محمد.
استطيع ان اشبه حياة المسيحيين في الشرق بقصة لا اتذكر مضمونها
بالضبط : "علموا قطا آداب المائدة والاكل بالشوكة والسكين... وفي
يوم الامتحان كان القط يجلس بكل احترام وياكل بالشوكة والسكين.
الى حين ما اطلقوا فارا، وما ان شاهد القط الفار حتى قفز من على
المائدة والاطباق ولحق بالفار".
هنالك خيط رفيع يفصل الخير والشر في الانسان. وتجربتنا نحن
المسيحيين مريرة مع جيراننا في الشرق، فعلى مر القرون عملنا ما
بوسعنا بنشر ثقافة التسامح التي تعلمناها من مخلصنا يسوع المسيح،
وتعلمنا ان نسكت على مضض بعد كل عمل شرير ضدنا، ولكن لا تزال
المحن تتكرر علينا. السؤال هو الى متى سنستطيع كبح الشر في
نفوسنا نحن المسيحيين؟
|