في مقابلة
صحفية جرت العام الماضي من على شاشة LBC
الفضائية اللبنانية، يقول السيد
جلال الطالباني زعيم الاتحاد الوطني
الكردستاني «ان الفدرالية تقوم على
الأرض وليس على العرق.. والفدرالية
نظام إداري وليس نظام ثقافي.. إذا كان
للآشوريين أرض خاصة بهم فأهلا وسهلا».
وقبل مدة
عرض الحزب الديمقراطي الكردستاني
بقيادة السيد مسعود البرزاني مسودة
مشروعه للدستور الدائم للعراق
الفدرالي، ولم يعارض من قبل الاتحاد
الوطني الكردستاني، وفيه اقتراح
بتقسيم العراق إلى إقليمين عربي
وكردي، بحدود جغرافية تصل حدود
الإقليم الكردي إلى واسط 200 كم جنوب
بغداد.
لست بصدد
مناقشة هذا المشروع لأنني سأعود لذلك
مستقبلا، لكنني أود كآشوري أن أطرح
وجهة نظر آشورية لعراق المستقبل، التي
قد تتعارض مع جيراننا الأكراد
وأصدقائنا العرب الذين عقدوا العزم
على تحجيم الآشوريين وتهميش او إهمال
دورهم الوطني.
إن الاتجاه
الذي يدعو إليه جيراننا الأكراد
بتقسيم السلطة على أساس عرقي او
ديموغرافي متسلط هو اتجاه لا ينسجم مع
تركيبة المجتمع العراقي ولا يعبر عن
إرادته الوطنية، ولا يعالج الأزمة
الحالية، بل قد يتسبب في أزمات قادمة
لا تقل حدة عن التي عاناها الشعب
العراقي.
ليس الأكراد فقط ضحية ويلات ومحن
السياسات العرقية والدكتاتورية
الظالمة التي توالت على السلطة في
العراق، وإنما الشعب العراقي عموماً
بجميع قومياته وطوائفه، لاسيما الشيعة
والتركمان والآشوريين.
إن التمايز
القومي والمذهبي في العراق واقع لا
يمكن إنكاره ولا القفز من فوقه، فمثلا
الأكثرية الشيعية ومنذ تأسيس الدولة
العراقية حرمت من حقوقها السياسية
والمدنية إذ اعتبرتهم السلطات
المتعاقبة مواطنين من الدرجة الثانية،
واصبح الشيعي العراقي بغض النظر
متبنياته الفكرية والسياسية معرضا
للقمع والاضطهاد والتشريد، ولم يسلم
التركمان والآشوريين من هذه السياسات
المتسلطة والقسرية.
المطلوب
الآن هو اعتماد الأساس الوطني في ترسيم
مستقبل العراق السياسي، وهو الخيار
الوحيد الذي ينقذ العراق من محنته، وان
فرض صيغة واحدة قسرا لا تعالج حقيقة
الاختلاف القومي والمذهبي.
لقد بات
ضروريا أن تشارك جميع الأطراف القومية
والطائفية والسياسية المكونة للمجتمع
العراقي في حل المشكلة الوطنية التي
تمر بالعراق وتهدد كيانه وتماسكه
ووحدته، ومن اجل ذلك يجب أن توفر جميع
الضمانات الدستورية لكافة القوميات
والطوائف والأعراق على قدم المساواة
بحيث لا يمكن أن يستغنى عن أية فئة، ولا
تسلط فئة على فئة أخرى بذريعة الأكثرية
والأقلية القومية او أية ذريعة أخرى.
لضمان عدم
تكرار مآسي الأمس في عراق المستقبل ..
فانني أرى أن الحل الأمثل لكي يكون
العراق نموذجا متقدما للانسجام الوطني
بين فئاته وقومياته وطوائفه، هو أن
يكون العراق الجديد فدرالي بحكومة
مركزية في بغداد وثلاثة أقاليم: شيعي
في إقليم الجنوب، سني في إقليم الوسط،
وكردي/آشوري/تركماني في إقليم الشمال،
وإقليم الشمال يقسم إلى أربعة وحدات
إدارية، السليمانية - كردية، اربيل-
كردية، دهوك - آشورية، وكركوك -
تركمانية، على أن يتم ترسيم الحدود
الإدارية لتلك الوحدات بواسطة لجان
مشتركة، مع ضمان إعادة التوزيع
الديموغرافي للقوميات تحت إشراف
ومراقبة الأمم المتحدة لمدة أربعة
سنوات قابلة للتمديد.
إن هذا
الطرح باعتقادي يرسم المشهد المستقبلي
الحقيقي لما ينبغي أن تكون حقوق
الإنسان في العراق، وهو الطريق الاصلح
لمستقبل بلادنا، لتحرير الشعب العراقي
ككل، ورفض مفاهيم وأساليب التفوق
العرقي او التفوق القومي.