يوسف شيخالي
- شيكاغو
تعلم الانسان منذ فجر التاريخ
أن يجتمع مع الاخرين، وبذلك تكونت
المجموعات الأُسرية والقبلية والشعوب وتشكلت الدول والامبراطوريات.
ومن ضمن هذه المجموعات
«الكلدان».
عرف الكلدان في التاريخ القديم لبيت نهرين كمنجمين دخلوا مملكة
بابل بمجموعات كبيرة غير انه لا يستطيع أحد ان يؤكد على انهم كانوا
قسما من الشعب البابلي الاشوري أم انهم أغراب دخلوا بابل وامتزجوا
بالبابليين كما امتزجت وانصهرت أقوام أخرى في بابل مثل الاشكوزيون،
وايضا اليهود الذين كان قد سباهم نبوخذنصر..
في سفر دانيال الاصحاح الثاني: 1-2
«وفي السنة الثانية من ملك نبوخذنصر حلم نبوخذنصر احلاما فانزعجت
روحه وطار عنه نومه. فامر الملك بان يستدعى المجوس والسحرة
والعرافون والكلدانيون..» وايضا في نفس الاصحاح: 4 «فكلم
الكلدانيون الملك بالارامية..» ويتضح هنا أولا ان تسمية
(الكلدانيون) جاءت كمهنة حالها حال السحرة والعرافون، وثانيا
يستنتج انه كانت لهم لغتهم الخاصة بهم، وخاطبوا الملك بالارامية
لان لغتهم ولغة الملك لم تكن نفس اللغة.
ولم تذكر تسمية الكلدان في المصادر التاريخية بعد سقوط نظام حكم
الامبراطورية البابلية، انما ذكرت لاحقا
في الحقبة التاريخية الحديثة بعد اعتناق قسم من الآشوريين المذهب
الكاثوليكي ورسامة الراهب هرمزد سولاقا بطريريركا عليهم في روما في
نيسان من سنة 1553 الذي كانت حصيلته انشقاق في كنيسة المشرق
(النسطورية). ولترسيخ الانشقاق الكنسي كان لازما ان يرافقه
انشقاق قومي أيضا،
ولذلك
عمدت الإرساليات الكاثوليكية إلى تسمية الآشوريين الكاثوليك
«كلداناً» بهدف فصلهم عن باقي الآشوريين، علماً أن جميع المناطق
التي يسكنها الآشوريون الكاثوليك لم يسكنها الكلدان القدامى يوما.
وفي سنة 1830 طلب من الكنيسة الاشورية النسطورية (المنشقة) ان يصبح
اسمها الرسمي
«كنيسة بابل على الكلدان»
من المعروف ان قوة الفاتيكان تزداد يوما بعد يوم من خلال البعثات
التبشيرية لكسب وضم أكبر عدد ممكن من الرعية اليها لتوضيفهم لخدمة
الكنيسة فيما بعد، حتى وصل تعداد الكاثوليك في العالم اليوم الى
حوالي ربع سكان العالم.
والكنيسة الكاثوليكية تعمل في اتجاهين: الاتجاه الاول هو اتجاه
سياسي اكثر مما هو ديني والهدف منه التدخل في الشؤون الدولية بحجة
حماية رعاياها المسيحيين الكاثوليك، او حتى جميع المسيحيين في
العالم.
والاتجاه الثاني هو العمل في صفوف الفئات الاصغر والاضعف من غير
المسيحيين في سبيل ضمهم اليها باللجوء الى مغريات مادية وثقافية..،
والفئة التي يمكن ان تكون الهدف من الشعب العراقي هم المعدان لما
كانوا يتعرضون له من جراء القسر والظلم والحرمان.
في السنة الماضية كان قداسة البابا يوحنا بولس الرابع تواقا للذهاب
الى العراق وبالتحديد الى مدينة أور (المقدسة).. ولم تتم تلك
الزيارة لأسباب كان يعرفها نظام صدام البائد والفاتيكان فقط.
وقبل فترة عرضت القناة التلفزيونية الامريكية
«ترافل»
برنامج حول الحضارات القديمة وحياة شعوبها، وفي التسلسل الخامس جاء
«المعدان» في مناطق الأهوار جنوب العراق. والشئ الملفت للانتباه
هو في سياق التكلم عن سيرة حياتهم كانت هنالك محاولة لربط المعدان
وهم من شيعة العراق (بأجدادهم) السومريون والكلدان!
بالأمس جاءت الارساليات الكاثوليكية لتقلب بمغرياتها قسم من
الاشوريين النساطرة وتقول لهم بانهم (كلدانيون).. واليوم سننتظر
لكي نرى، هل ستستطيع ان تحول المعدان الى كاثوليك.. وهل سينقلب
المعدان الى كلدان.. هذه المرة؟
|