مع انهيار المجتمع الاشوري وانهيار
كنيسته في اواسط القرن الرابع عشر بعد قدوم التتر الى
بلادنا وجميع ديار كنيسة المشرق. فقد الاشوريون
الرئاسة المركزية الجامعة سواء في الكنيسة أو على نطاق
الامراء والرؤساء والوجهاء، مع استثناءات قليلة في
المناطق الجبلية. وأصبح المجتمع الاشوري في
عموميته في حالة فوضى وارباك كبيرين، والذي يطلق عليه بالمصطلح المعاصر
بـ (حالة فلتان). ومن هنا كان ظهور الكثير من الرئاسات
الدينية والمذهبية والعشائرية والقبائلية
والفئوية، نتيجة طبيعية لتلك الفوضى واللامركزية المشاعة
التي عاشها الاشوريون في القرون الخمسة الاخيرة.
وفي هكذا مناخ دخل الغريب
بين ثنايا القلب النابض للاشوريين (كنيستهم القومية
الحضارية). ولسنا نبالغ لو قلنا: استطاع هذا
الغريب الطامع ان يفجرها بل يفتتها..!! وكذلك الحال مع الوحدات
السكانية الاشورية حيث تمزقت هي الاخرى الى عشائر
واسباط وقبائل، وتوزعت بين العشرات من الامارات
الكردية والعربية والفارسية والتركية والارمنية...الخ. وعمل
فيها سيف التفرقة باتراً لحد العظم ان لم يكن قد كسر
حتى العظم في بعض الاحيان.
واليوم ايها الاخوة، ما دمنا نعرف كل هذا
جميعاً، معرفة جيدة والى
حدّ التخمة! فلماذا لا نسأل انفسنا (المكاشفة مع الذات)، لماذا ترانا
متمسكين بما لا نرضاه؟ وقد فرض علينا قسراً!
لماذا ندافع عن وباء تم حقنه في عروقنا تحت تأثير
الضغط والقتل والارهاب.
هل يعقل ان يكون لكل عشيرة أو بلدة أو
مقاطعة أو مجموعة اجتماعية
آشورية بطريركاً وكنيسة مستقلة؟ وان يكون له او لها مذهباً دينياً
مسيحياً خاصاً؟ والاهم هل يعقل ان نطلب من البشرية
المتحضرة أن تقرّ بأن ابناء العشيرة او الكنيسة
الفلانية، هم (قومية خاصة) لا علاقة لها بالامة ولا بقوامها
الاجتماعي والحضاري والجغرافي والتاريخي ايضاً؟ أو هل
يعقل ان نفاتح الجهات العراقية والدولية ذات
العلاقة بالقضية الاشورية، ونقدم مثل هذه الطروحات والتصورات
و بهذا المستوى الفكري اللامنطقي واللاعلمي (عذراً
للجميع)؟
ايها الاخوة:
أنا وانت وهو وهي وهم، لو واجهنا غريب
ووصفنا باللامنطقيين واللاعقلانيين... ونحن
على هذه الشاكلة من مسألتنا القومية الشائكة. ماذا
سيكون ردنا، الا ننزل على رأسه نار جهنم لو كان
بمقدورنا...!
ولكن ايها الاخوة: الا ترون انها الحقيقة
لاننا غارقون في الخيال بل قل (الهذيان) اذا كان هذا
حالنا وهذا واقعنا ونحن في الالفية السادسة من
عمر حضارتنا التاريخية...!!!
قريبا سيطوي العالم قرناً
كاملاً على اندلاع الحرب العالمية الاولى. سميت عالمية
لان معظم العالم تأثر وأثر فيها. ومن ضمنهم
الاشوريون وعلى قلة عددهم وبؤس حالهم، وشحة سلاحهم ومالهم، وقوة
وصلابة قادتهم ورجالهم، كان لهم الاثر الكبير فيها
وكان لها تأثيرها الاكبر عليهم والى حدّ الساعة.
اثر الاشوريون في مسار الحرب ونتائجها
ايجابياً لصالح العالم
بأسره، (وهذا معروف لدى من يحترم الانسان وينطق بالحقّ لاخيه الانسان).
اما هم (الاشوريون) فقد تأثروا بها سلباً لانهم
خسروا كل شيء ابتداءً من الدماء الزكية والى
الاموال والوطن وحتى الاصدقاء والجيران الوفية!
فمذابح (بدرخان وسيفو
وخوي وسلاماس وطور عبدين وسميل وصوريا و.... و....)
وكم هي كثيرة (الواوات) التي جلبت الآهات
للاطفال والامهات من هذا الشعب! آن الاوان ان تعلمنا درساً واحداً
(....) لا مواعظ ودروس الحشو الاناوية!
وان تعلّم درساً آخر لمن كان ومازال يحلم
بسحقنا، مفاده (نحن باقون على عهدنا مع الزمن، واوفياء
مع انفسنا ومع كل من زهقت روحه من اخوتنا
وآبائنا واجدادنا، من أجل المسيحية الاشورية والارض والاخلاق
الابيّة!). ولتحقيق ذلك ليس قولاً بل فعلاً، علينا ان
نتقدم خطوات جريئة نحو الآخر، ونحن نردد نشيد
المحبة ونقول:
"نعم اننا مجزئون! اننا منسحقون! اننا
كحبات الرمل مفتتون! اننا
نصلي في الكنائس العديدة وفي المزارات ودور العبادة المختلفة.
وقد لا نصلي لاننا تطهرنا بدم الرقاب
ولقرون طويلة... كل ذلك لاننا عراقيون آشوريون
مسيحيون. فكل الاسماء والالقاب والفئات والشعاب
والمذاهب والمناصب والمناسك والمحارب، تلتقي في
وحدة وطننا ومصداقية وطنيتنا وتنعقد في باقة ورد جميلة من
مسيحيتنا، وتزدهر وتتأنق بوشاح ماضينا، وبالصدق
والاخلاص في الواجب والتفاني من أجل الاخر الذي
هو سمة حاضرنا اينما كنا، نحن هكذا ايها الاخوة ايها الاصدقاء!!
ايها المنصفون الشرفاء في العالم، عليكم
جميعاً ان تدعموننا لاستحداث
محافظة خاصة بنا مع منحها الحكم الذاتي، على ان يشمل
جميع مناطق تواجدنا التاريخية ضمن المحافظات
الاخرى. لنكون جيراناً، مع اخوتنا، وجيراناً صالحين انسانيين لكم
جميعاً. لاننا ايضاً بشر مثل باقي البشر لنا حقوق
وعلينا واجبات. لقد ثقل ميزان واجباتنا وقرب ان
يرتطم بالارض، ان لم يكن قد حصل ذلك مرّأت عدة. وبالمقابل فان
ميزان حقوقنا قد علا في الهواء وكاد ان يطير مع الرياح
القوية لانه بقي ولقرون عدة، خالياً خاوياً.
هكذا ايها الاخوة في الامة والوطن، عليكم
ان تدركوا: ان لكم وطناً من
بين جميع الاوطان اسمه العراق (بلاد الرافدين، آشور وبابل)، لكم أمة لا
يخجل من ينتمي اليها، ولكم كنائس لم يغادرها روح القدس
بعد، ولكم لغة قومية غنية، قديمة، جديدة، تصلح
أن تكون وعاء فكر وسفر عبادة وأداة تعلم وتعليم.
والان
كل ما يعوزكم ايها الاخوة، هو: الصولة الاولى، الصولة
المقصودة ليس على مواضع العدو
ومن أجل اراقة الدماء. ان صولتنا لهي أعظم من تلك وأكبر شأناً
واقوى واعنف على النفس والضمير الحيّ. انها
صولة الوصول الى دائرة الوسط، والتي قلما يستطيع القيام
بها الا الشجعان. وان فيكم الكثير من الشجعان ايها
الاخوة في الامة والايمان.
اخرجوا من مواضع الاستكمان التي شيخها
الزمن وطالتها الرطوبة،
اصرخوا بوجه اخوتكم على الطرف الاخر من خنادق "الانا" المصطنعة، مدّوا
ايديكم مستنجدين انطلقوا كالريح! قولوا لهم
اننا اخوتكم! اننا قادمون... اسبقوهم الى ساحة
الوسط، ساحة الامة والايمان بها... انكم ابطال هذا الجيل لانكم وصلتم
قبلهم وقبلنا... انكم ابناء الامة الشرفاء...
افراداً كنتم او جماعات، احزاباً كنتم او
تنظيمات وتشكيلات، كنائساً كنتم أو مذاهب...
هنا في دائرتنا الوسطية
الكبيرة لنجرب حياة الاخوة معاً لنفرح لنمجد الذي
الهمنا حكمة المحبة "أحب اخاك كما تحب نفسك".
ونجعل منه يوماً عظيماً ومشهوداً للامة والوطن والتراث... هلموا الى
البناء معاً واتركوا التفاصيل النهائية للاجيال
القادمة... انظروا انه بيتكم انه ثمرة ايمانكم
بالقبول بالآخر، انه الانجاز الاعظم على مدى الاجيال، لانكم عظماء في
الصبر والتحمل وعدم الانحراف عن الثوابت المشتركة
(امة: ولغتها آشورية، حضارة:
وهويتها قومية، كنائس ولغتها سريانية،
وطن: واسمه العراق |