الجزءالاول
سرجون سابر/إلينوي
ترجمة: وليم ميخايل
كانت أمّتنا الأشوريّة القديمة فريدةً بالفخر والإخلاص. قدّمت بشكل
ملحوظ الحضارة للبشريّة على نطاق واسع من الثقافة والعلم والاختراع
التّكنولوجي. إنّه الآن تقريبًا 26 قرن منذ جمع أعداء شعبنا قوّتهم
وأخيرًا نجحوا في هزيمة الإمبراطوريّة الأشوريّة. من المدهش، من وجهة
نظر أشوريّة، معلومات قليلة جدًّا متاحة بخصوص أحداث هذه الفترة.
نستمرّ في افتراض أن دولتنا كانت، قبيل هذا الحدث، مرهقة بشدّة
بالانقسامات الداخليّة، وأنّ هذا التّقسيم خدم كالمحفّز للتّدهور
المفاجئ وسقوط إمبراطوريّتنا العظيمة .
ثمّ، فيما بعد، يبدو أن ظروفا معينة قد سادت. كان شعبنا غير قادر أن
يحرّر نفسه من السيطرة المحكمة لطغاته. كان هناك تقلص كبير في
المناطق المسكونة من قبل الأشوريّين. أُخِذَتْ البلاد من أصحابها
بالقوّة. تجمعات صغيرة من السّكّان، أصبح الأشوريّون تقريبًا عاجزين.
نحن لم نتمتع بالحماية الحكوميّة، متعرضين لتغييرات مرتبطة بعواقب
وخيمة، مصنفين من قبل المحتلين كالأقل اهمية في بلدنا الاصلي، مثل
العبيد أو فرض ضريبة على كل شخص.
التاريخ القومي الأشوريّ واللّغة القوميّة وتراث جدودنا، قد تعرضوا
للتحريف والنّصب والدّعاية الغير صحيحة من قبل أعداء الشعب الأشوري.
بعض المؤرّخين يستشهدون باكاذيب ويفترضونها حقيقيّة، وفّروا تبريرات
بصورة خاطئة إلى هذه الأكاذيب. مع ذلك، نجا الآشوريون وبدأوا في خلق
وسائل جديدة للصمود في وجه الاضطهادات الّتي تحيط بهم من كلّ زاوية.
بمرور قرون من الزمن، عانى الأشوريّون وهم لم يرتكبوا أيّ إثم،
مازالوا ينتظرون بصبر الفرصة لاسترداد أسماءهم، الهويّة، ادارة ذاتية
والحياة في بيئة حيث تسود المساواة والعدل يصبح واقعا عاديا. لذا،
نحاول إيجاد طريقة قانونيّة لضمان أنّ شعبنا يُعامَل بإنصاف في
وطننا.
اؤمن بأن الأشوريّين مخلصين ومجمعين على ايمانهم بوحدة العراق. لا
أحد منّا يرغب في انفصال مكونات العراق المختلفة أو تقسيم العراق حسب
الهوية الدينيّة الطائفيّة. لكنّ الآن، بينما يجلس العراق على حافّة
حرب أهليّة شاملة، ليس كلّ سكّان العراق متّفقين. في الحقيقة، إذا
فعلاً اندلعت الحرب الأهليّة، سيُمَزَّق العراق خسب التقسيمات
الطائفيّة بين مكوناته العرقيّة والدينيّة. ليس للآشوريّين أيّ دور
في أيّة مشاكل سياسيّة داخليّة، ولن نلعب دورا في حرب أهليّة في
العراق. للأسف، بالتّأكيد سنكون ضحاياه.
لذلك، أثناء هذه الأوقات المضطربة الجديدة نتيجة الاحتلال الأمريكيّ
وعملية "حرية العراق"، يجب أن نقدم خطّةً سياسيّةً حازمة لحماية كلّ
طوائف الشعب الأشوري في العراق.
إنّه وقت لدراسة قرون من المعاناة الأشوريّة من الظلم الديني
والتطهير العرقي. نحن تعرِّضْنَا للمآسي والمذابح. اليوم، الأشوريّون
و وطن جدودنا، يستمرّون في أن يكونوا عرضة للأقبح من المآسي في كلّ
جوانب الحياة اليوميّة. في بعض المناطق، على سبيل المثال، اعتنقت
العائلات الأشوريّة دين الإسلام، ببساطة لتكنّ آمنة.
إنّه واضح لكلّ المراقبين، الاستقرار في العراق بعيد عن التحقق.
قضايا صّعبة سياسيّة، دينيّة، اجتماعيّة، اقتصادية وقانونية ونّظام
تبقى مستعصيةً وتحتاج لأن تُبحث بشكل مناسب. الزّعماء السّياسيّون
العراقيّون، الحكومة ومجلس النوابّ، غير قادرين أن يجدوا الحلول
الدّائمة والنّاجحة لهذه المشاكل الصّعبة. يبدون للأسف جزءا من
المشكلة وليس جزءا من الحل.
منذ سنوات قليلة، الولايات المتّحدة لعبت دورًا رئيسيًّا في تحرير
الشّعب العراقيّ ونجحت. بعد ذلك، كان لديهم فرصة، بالاشتراك مع قيادة
عراقيّة، لإيجاد الحلول الحقيقيّة للمشاكل الدّاخليّة في العراق.
للأسف، الفرصة كانت مهدرة.
لم تبحث ابدا خطّة لحماية الأشوريّين، وكلّ الأقلّيّات العرقيّة
الأخرى، ومساعدتهم في تأمين مستقبلهم وحقوقهم، مع ان سابقة ناجحة قد
تحققت بالفعل. برغم كلّ شيء، الامريكيون قاموا بحماية الأكراد
والشّيعة عندما احتاج هؤلاء السّكّان للحماية. الحكم الذّاتيّ
الكرديّ في شمال العراق قد أثبتوا نجاحهم هناك وفي دول أخرى اعضاء في
الأمم المتحدة.
هناك طريقة لتحقيق هذا الهدف النّبيل والإنسانيّ للأشوريّين في
العراق. التجمع في بلد أجدادهم المعروف عادةً ب"المثلّث الأشوري"ّ
كجزء من إقليم نينوى وجزء من دهوك. بالطّبع، طالب الأشوريّون بمنطقة
إداريّة أو حكم ذاتيّ.
لكنّ الآن، أكثر من أيّ وقت مضى، إنّه مهمّ لمستقبل الأطفال في وطننا
أنّ تُضمن الحقوق الثّقافيّة والسّياسيّة والإداريّة في دستور العراق
الجديد في القانون بدون تحفظات. يجب أن تمنح الدّولة كلّ الجماعات
حقوق متساوية ومسئوليّة أكثر عمليّة من السابق. يجب بناء مجتمع
عراقيّ حرّ يعمل على تحفيز النّاس من اجل الأفضل لكل العراق، ولكلّ
المواطنين العراقيين.
منذ الظّروف المحيطة، اصبحت الأزمة في العراق أصبحت خطيرة جدًّا على
الأشوريّون، كقومية وكمسيحيّين، يحتاجون للحماية من الأعمال الوحشيّة
والظّالمة الموجهة اليهم. إن لم يكن قريبًا، لكن سيأتي يومًا لن يبقى
أشوري أو مسيحي في العراق. لهذا السّبب، ثلاثة خطط يجب أن تُأخذ
بالاعتبار في معالجة القضية الأشورية في العراق . هذه هي:
1.
الملاذ الآمن. الملاذ الآمن هو المنطقة المحدّدة الّتي تُقدم فيها
الحماية المؤقّتة للشعوب المضطهدة بموافقة الأمم المتحدة. خطّة
الملاذ الآمن بالتّأكيد ليست الحلّ المناسب للقضية الأشورية في
العراق.
2.
الادارة الذاتية للمنطقة. الادارة الذاتية
للمنطقة يتضمن عدد من المناطق في اقليم جغرافيّ مسكون بمجموعة عرقيّة
منظّمة بقانون خاصّ وفقًا لدستور محلي يمنح الشعب السّلطة لأدارة
المنطقة وحماية أنفسهم. خطة اقليم الادارة الذاتية هو حلّ مقبول
للقضية الأشورية في العراق. لكن هذه الخطة يمكن أن تنجح فقط إذا كانت
محمية بفاعليّة وان تكون الإدارة الإقليميّة مرتبطة مباشرة بالحكومة
المركزيّة في العراق.
3.
الحكم الذّاتيّ. الحكم الذّاتيّ المعرّف هو حقّ حكم الذات. يمنح
الشعب الاصيل في المنطقة سلطة وحيدة وفقًا لدستور الدّولة للحكم
وحماية نفسه. الحكومة الإقليميّة مرتبطة مباشرة بالحكومة المركزيّة
للدّولة. الحكم الذّاتيّ، في رأيي الشّخصيّ هو الحلّ الخالد والأفضل
لمعالجة المستقبل الأشوريّ في العراق.
نشر هذا المقال بالإنكليزية
في موقع زندا.كوم
|