يوسف داود
تنهض الامم وتكبو مع قوتها وضعفها عبر التأريخ، وقد عانت امتنا
الآشورية من النكبات والويلات عبر التأريخ ومنذ سقوط
الامبراطورية الآشورية في القرن السادس قبل الميلاد. وبدأ
اضطهاد ابناء الشــعـب الآشـــوري ومورست ضدهم ابشع الجرائم
الانسانية من قتل وتشريدٍ واغتصابٍ للنساء والاراضي منـــذ
اكثر من 26 قرنٍ،
وكلما أمْعَنَ الاعداء في التنكيل والاضطهاد، ازداد ابناء
الشعب الآشوري تعلقهم بامتهم وقوميتهم ولغتهم وارتبطوا بجذورهم
التأريخية الحضارية عبر الاحقاب الزمنية. وكانت غزوات الدول
الكبيرة القوية متزامنة مع الهجومات المتكررة من قبل رؤساء
العشائر والقبائل المتناثرة هنا وهناك على اراضي الامبراطورية
الآشورية،
وبقي الآشوريون وبكل فخر يعتزون بعنفوان انهم ابناء اشور
وسركون وسرخدون وسنحاريب وشلمنصر وانكيدو وجلجامش، رغم
المحاولات المجحفة بحقهم حتى من اقرب من كانوا يتصورون انهم
قريبين منهم واليهم.
مع حلول القرن العشرين وبدايات تشكيل منظمات انسانية تعني
بحقوق الانسان والاقليات القومية في العالم وخاصة بعد الحرب
العالمية الاولى 1914-1918 وتأسيس عصبة الامم المتحدة لرعاية
حقوق الانسان في العالم وايقاف نزيف الحروب، تقاسمت بريطانيا
وفرنسا العالم العربي وانكرت بريطانيا وعودها للآشوريين وحرمت
الشعب الآشوري من الحصول على كيان خاص به كما تم اقراره في
مؤتمر سيفر /فرنسا للسلام عام 1919 الذي يملك مقومات امة من
حضارة وتأريخ ولغة وقومية وديانة وتراث، من الحصول على حقوقه
في منحه جزء من ارض اجداده لترتفع فوق قمم جبالها راية ترفرف
في السماء وتمثل كيان شعب عريق وتأخذ مكانها بين رايات واعلام
الامم المتحدة. واستمرت معاناة الآشوريين في العقد الثلاثيني
من القرن الماضي لتصل ذروتها في مجزرة سميل للفترة من 5-17 آب
1993. واستمر جحود بريطانيا تجاه الآشوريين من اجل مصالحها
وطبَّقَت سياسة فرق تسد للوصول الى اهدافها، وحاولت ان تفصل
آشوريي العراق عن اخوانهم في سوريا وبدات بتقريب رؤساء بعض
العشائر على حساب تشتيت الامة، واستمرت هذه المحاولات حتى بعد
سقوط الملكية واعلان الجمهورية، وتعاقب الحكومات العراقية،
التي ظلت تراقب الكنائس الآشورية بحذر وريبة وتمنعها من ممارسة
اي نشاط بحجة عدم تدخلها في السياسة، ولما بدأت اسراب الشباب
المثقفين تتخرج من المدارس والجامعات شعرت بالحاجة الماسة
لحماية ما تبقّى من ابناء الامة الآشورية وتأجيج الروح القومية
في نفوسهم وبالتالي منح الكنيسة الآشورية (التي نجح اصحاب
النفوس الضعيفة في تقسيمها) الفرصة لاعادة تقوية كيانها ولَمْ
شملها. وكانت الحاجة في ظروف القهر والاستبداد في ظل نظام
الدكتاتورية والقمع الوحشي عن اعلان ولادة حزْبٍ يضم بين
جوانحه ابناء امة عانت الامرين على ايدي جيرانها واصدقائها
بالتنسيق مع اعدائها من اجل المصالح المتبادلة.
نعم تم الاعلان بعد مخاضٍ عسيرعن ولادة "حزب بيت نهرين
الديمقراطي" في الحادي والعشرين من عام 1970 في ظل ظروف القهر
والاستبداد البعثي" وهو اول حزب آشوري سياسي يعمل على ارض
الاجداد"، ورغم تأخر الاعلان عن الحزب الآشوري الا انه ما
يستوجب ذكره ان الآشوريين ناضلوا من اجل حقوقهم القومية جنبا
الى جنب مع الاكراد في شمال العراق وهاجر المئات منهم مع قائد
الحركة الكردية الملا مصطفى البرزاني الى روسيا عام 1946. وبعد
عودته عام 1958 عاد معه من بقي منهم. وظل حزب بيت نهرين
الديمقراطي يعمل بسرية تامة ليس خوفا من بطش النظام وتنكيله
بهم فحسب، بل خشية من ان يتم القضاء عليه وبالتالي لا يحقق
الاهداف والطموحات الاستراتيجية للامة الآشورية، لانهم يوم
فكروا وخططوا وبدأوا بالتنفيذ واعلان تأسيس حزب آشوري يلبي
طموحات ابناء امتهم، وضعوا حياتهم في أكُفِّهِمْ فداءاً لما
صمموا ان يبدأوه ويضعوا اللبنات الاولى لتأسيسه. وبدأوا
المشوار الطويل المحفوف بالمخاطر والتضحيات بكل ما يملكون من
مال ونفس من اجل قيام ونهوض امتهم لتحتل مكانتها بين الامم في
العالم، هؤلاء الشباب الخيرين ناضلوا وسهروا الليالي وَثِبينْ
كل لحظة يقظين في كل خطوة لرفع الراية الآشورية في المحافل
الدولية وايصال صوتهم الى العالم اجمع من اجل الحصول على
الحقوق القومية للامة الآشورية، ولا زالوا على الدرب سائرون
وهم مصممون على دحر كل المؤامرات والدسائس التي تحاك ضد امتهم
من اجل الوصول الى اهدافهم ونيل كامل حقوقهم القومية ضمن اطار
الوحدة العراقية وفق قانون الفدرالية الذي تم اقراره في
الدستور العراقي بعد سقوط نظام صدام والى الابد. عهدا من
اعضاء وقيادات حزب بيت نهرين الديمقراطي في كل العالم ان لا
استكانة ولا هوادة ولا مساومة على الحقوق القومية الآشورية
اسوة بالقوميات الاخرى. وسيبقى حزب بيت نهرين الديمقراطي
متجددا متوثبا في كل يوم وشهر وعام، ويمد يده الى الجميع حتى
من حاول ايذاءه من اجل تحقيق الاهداف القومية الآشورية.
هنيئا لحزب بيت نهرين الديمقراطي وهو يطفأ شمعته الـ "37" والى
مزيد من التقدم والانجازات، والى امام.
تحيا الامة الآشورية ضمن بودقة
العراق الديمقراطي الموحد. |