يوسف داود
مسكين هو المالكي وهو يقع بين الطاحونة الامريكية والرئيس
بوش... ومسكين هو الشعب العراقي عندما صدّق بأنه سيتحرّر من
نظام صدام، ويملك زمام أموره بفضل قادةٍ عاشوا في فنادق خمسة
نجوم في أمريكا وأوروبا وجاؤوا بحسب عدة أميركية.
أمريكا تريد أن تبيّن أنها راعي الديمقراطية وتحاول
تطبيقها في العالم، دون دراسة حقيقية واقعية لكل بلد باختلاف
مكوناته وأطيافه.
الإعلام الأمريكي ومنها الصحف الكبرى واشنطن بوست،
نيويورك تايمز، لوس أنجلوس تايمز، بوسطن غلوب، مجلة فورن
أفيرز، وول ستريت جورنال وغيرها، تطبّل وتزمّر ولا تتوقف عند
مصالحها ضمن المصالح الإقتصادية الأمريكية، والحكومة الأمريكية
تنظر من خلال المصلحة الأمريكية إلى كل عملائها وأبسط مثالين
هما: 1- شاه إيران بهلوي الذي سقط عام 1952 في ثورة مُصدق،
ولكن تدخّل أمريكا السافر والمباشر أسقط مُصدق وأعاد شاه إيران
إلى الحكم وكان شرطي أمريكا في المنطقة عندما احتلّت إيران
الجزر العربية الثلاث (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأم موسى) لم
يتحرّك أحد أو يستنكر ويجبر إيران على التراجع، لماذا؟ وعندما
انتفت الحاجة من وجود الشاه، رفضت أمريكا حتى استقباله "بعد ان
خدمها اكثر من 30 عاما"وأعادته بطائرته وأصبح لاجئ في مصر.
واليوم الشعب الإيراني والأنظمة العربية والأوروبية وامريكا
تترحّم على شاه، وتتمنى لو كان أو سلالته على الساحة
الإيرانية.
2- صدام حسين: أصبح الإبن المدلّل لأمريكا بعد استلام خميني
الحكم في إيران وأعطته أمريكا وكل الدول العربية الدعم المالي
والعسكري في حرب دامت ثماني سنوات، بدعوة حماية البوابة
الشرقية للأمة العربية ومنع انتشار الدعوة الشيعية، ولما انتهت
الحرب، كانت بداية النهاية لصدام بعد غزوه الكويت، فكانت نفس
الدول والقيادات التي مجّدت صدام قد لفظته إلى مزبلة التأريخ
بهذه النهاية المشينة لإنسان كان رئيساً لدولة انهكها في زمن
غابرٍ.
وانتهى صدام بنهاية أسوأ من نهاية شاه بهلوى، ولكن إيران
بملاليها استطاعت ان تبني نفسها وتتقدم علميا وتقنيا والعراق
اصبح في حالة أسوء من قبل، والسبب أن القيادات الإيرانية كانت
في الداخل وتفهم وتتفهم معاناة الإيرانيين. أما قادة العراق
فأقل واحد منهم عاش خارج العراق أكثر من ربع قرن.
اليوم والمالكي رئيساً للوزراء لنرى ماذا قال فيه بوش وماذا
كتبت الصحف أو قالت محطات التلفزة الأمريكية عنه وعن القادة
العراقيين.
·
جوناثان وايزمان في واشنطن بوست كتب "سناتور أمريكي يدعو
لإسقاط حكومة المالكي، ليفين يدعو العراقيين لإستبدال قادتهم.
وهي أهم وأقوى دعوى لتغيير الحكومة العراقية تصدر من مسؤول
أمريكي منتخب. واستمرار دعم إدارة بوش لحكومة المالكي خوفاً من
أن يؤدّي انهيار حكومته ذات الأغلبية الشيعية إلى أشهُرٍ من
الصراع السياسي الداخلي.
·
"حرب تستنزف الموارد" تحت هذا المقال كتبت مجل فورين إفيرز
تقول أكثر من نصف الخبراء في السياسة الخارجية الأمريكية
يشكّكون في إمكانية نجاح الخطة التي تتّبعها إدارة الرئيس بوش
حالياً لتحقيق الإستقرار في العراق... تدهور الوضع جعل واحداً
من كل خمسة خبراء، ربعهم من المحافظين يفضلون الإنسحاب
الفوري...
·
أما نيويورك تايمز فكتبت: "الحرب الصحيحة، التي لا زال من
الممكن تحقيق النصر فيها، وعلّقت: الأخطاء التي ارتكبتها
واشنطن جعلت من العراق مسرحاً جديداً للإرهاب الدولي.
·
وتحت عنوان "مسؤول سفريات تنظيم القاعدة" كتب جوزف ليبرمان في
وول ستريت جورنال قائلاً: "القضاء على تنظيم القاعدة في العراق
لن يتم إلا عبر وقف تسلل الانتحاريين إلى أراضيه، ومن غير
الممكن تصديق دعوى سورية بأنها لا تستطيع الحد من عبور
المقاتلين الأجانب من أراضيها إلى العراق... لا يعقل أن يكون
الرئيس السوري بشار الأسد غير قادر على فرض السيطرة على مطار
دمشق، الذي يعدّ نقطة إلتقاء المقاتلين الأجانب قبل دخولهم
العراق.
·
ولكي نربط بين مقال جوزف ليبرمان ومقال نشر في صحيفة كرستيان
ساينس مونتور بقلم هيو تايلور، وتحت عنوان: "المالكي يوقّع
اتفاقية لحراسة الحدود مع السوريين، ويتعرّض لضغط أمريكي
متزايد لإظهار بعض التقدّم في بغداد". وتظهر إتفاقية حفظ الأمن
على حدود طولها 466 كم، تزعم أمريكا أنها نقطة عبور معظم
المقاتلين الأجانب الى العراق. أما المالكي فقال: "هذه
الاتفاقية تمثل أهمية عظيمة لأنها تؤشر لبداية جهد دائم
وتعاوني لتأمين حدود بلدينا". ويأتي هذا الاتفاق بعد عداء
ثلاثة عقود بين سوريا والعراق.
وعلّق جوناثان فاينر على توافد أعضاء الكونغرس
لزيارة العراق في مقال نشرته واشنطن بوست بعنوان "خلف ستار
المنطقة الخضراء" حيث قال: منذ اندلاع الحرب زار 76 من أعضاء
مجلس الشيوخ الأمريكي العراق منهم 38 زاروها خلال الأشهر
الإثني عشر المنصرمة. ولفت فاينر أن معظمهم لم يبرح المنطقة
الخضراء أو غيرها من الأماكن المحصّنة تحصيناً شديداً، وأكّد
تأثير هذه الزيارات على الرأي العام الأمريكي بعد العودة من
خلال الظهور على البرامج التلفزيونية والبرامج الحوارية.
إلى هنا نكتفي ببعض ما نشر الأسبوع الماضي عن العراق، ولكن أين
وصلت علاقة إدارة بوش مع حكومة المالكي؟
نشرت نيويورك تايمز مقالاً بعنوان "الولايات المتحدة تنأى
بنفسها عن المالكي" كتبه كل من شيريل غاي وجيم روتنبرغ ذكرا
فيه:" إن الرئيس بوش وقف إلى جانب المالكي في الأردن نوفمبر
الماضي ووصفه بأنه "الرجل المناسب للعراق". بيد أن هذه العبارة
سرعان ما تبخّرت وأقّر بشعوره "بدرجة من الإحباط" لإخفاق
الحكومة العراقية في التوحيد بين تياراتها العرقية والمذهبية
المتحاربة.
هل حان وقت استبدال المالكي؟ أم أن إدارة بوش ستبقى متمسّكة به
لفترة مقبلة؟ ومن الخليفة للمالكي إذا ما تمّ استبداله هل هو
د. عادل عبد المهدي؟ أم أنه د. أياد علاوي؟ أم د. حمد الحلبي؟
ولنا معكم لقاء في الأسبوع القادم لمتابعة الموضوع.
|