يوسف داود
كانت جريدة العرب
التي تصدر في لوس انجيلوس السباقة في تحليل الاوضاع العراقية،
فقد نشرت مقالة بتأريخ 23 آب 2006 بعنوان: العراق ،لماذا يريدون
تقسيمه؟ والدورالذي لعبه الدكتور منذر الفضل الذي حصل على شهادة
الدكتوراه من اطروحته في زمن الرئيس العراقي المعدوم صدام حسين
بعنوان "عبقرية صدام" ثم انقلب ( 360ْ) ليصبح بعد سقوط نظام صدام
المستشار للسيد مسعود البرزاني كون الاكراد خوال الوُلد). وكذلك
مطالبة السيد عبد العزيز الحكيم ونجله عمار الحكيم باقليم في
الجنوب واقليم في الوسط، دون التطرق الى الانفصال. ( بالعربي
الفصيح اطرق الباب ليسمع الجار). وفي العدد 676 الصادر بتأريخ 30
آب 2006 كتبت العرب :بايدن يجدد دعوته الى تقسيم العراق الى
ثلاثة مناطق ترتبط بحكومة مركزية محدودة الصلاحيات. وفي العدد
677 الصادر بتأريخ 6 ايلول 2006 وفي مقالة بعنوان الاكراد، هل
حان وقت الانفصال؟ كل هذه المقالات جاءت استقراءأً وتحليلا صادقا
للاحداث الدامية في العراق، وقادته من العرب السنة والشيعة
يتناحرون على المواقع الوزارية والبرلمانية والمكاسب الذاتية
والشعب العراقي جروحه تنزف دون معالج. وتم تجديد طروحات بايدن في
مجلس الشيوخ الامريكي الذي لم يتأخر لحظة واحدة فاصدر قراراً
غير ملزم بتقسيم العراق إلى ثلاثة دول شيعية في
الجنوب وسنية في الوسط وكردية في الشمال.
وهذا ما كتبه
ريتشارد كوهين في مقال نشرته واشنطن بوست، وطبعاً لم يبق
كوهين هذا على شاردة أو واردة إلا وذكرها حول فرار السنة من
المناطق الشيعية والعكس
ومقتل الآلاف،
وقد اعتمد خطة
جوزيف بايدن رئيس
لجنة العلاقات الخارجية لمجلس الشيوخ وليزلي غيلب المرشح
للإنتخابات الرئاسية الأمريكية. وقد رفض الرئيس بوش ووزيرة
الخارجية كونداليزا رايس والسفير الأميركي في العراق القرار
واكدوا على الفدرالية ضمن عراق موحد. وقال كروكر أمام الكونغرس
أنه يؤيّد حكماً ذاتياً للمناطق العراقية ولكنه اعترض على أية
فكرة للتقسيم.
استنكرت الجامعة
العربية قرار مجلس الشيوخ الأمريكي، ورحّب السيد مسعود البرزاني
بالقرار. أما القوائم العربية السنية والشيعية (الدينية) التوافق
والحوار الوطني والإئتلاف الشيعي والتيار الصدري والامة العراقية
اصدر بيانا عرّى فيه القرار الامريكي والجميع رفضوا القرار قطعاً
واعتبروه تدخّلاً في الشؤون الداخلية للعراق. وهذا القراريعود
إلى مخطط قديم في الثمانينات والرامي إلى تقسيم العراق إلى
دويلات ولبنان إلى دولتين ومن ثم سوريا فإيران والسعودية وحتى
مصر، يعني أن المخططات الاستراتيجية موجودة ولا ينقصها إلا الوقت
المناسب والظرف الملائم. ومن خطط الديمقراطيين وتصريح الجمهوريين
وفي مقدمتهم السناتور الجمهوري سام براونبال الساعي أيضاً للفوز
بترشيح الحزب الجمهوري للإنتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة
وأحد الموقعين الـ 11على مشروع القانون هذا فقال: "نحن ندعم
استراتيجية سياسة فاشلة في بغداد".
أما الجمهورية كاي
بايلاي هوتشنسيون فقالت: "إن هذا القرار مستوحى من اتفاقات
دايتون حول البوسنة التي أقرّت التقسيم بين المتخاصمين الصرب
والكروات والبوسنيين. وبين جعجعة الديمقراطيين وعرض عضلات
الجمهوريين والطائفية القاتلة السنية والشيعية سيُضَيّع العراق.
ولكن هناك دائماً تخوفات وردود فعل سلبية مُتوقعة لكل قرار
أمريكي يُتّخذ أو يُطرح من قبل شخصيات أمريكية بارزة من أجل
الوصول إلى هدف أو الكسب على حساب الشعوب وخاصة عندما يكون الهدف
هو كرسي الرئاسة الأمريكية وكسب وُد الجالية اليهودية لتحقيق
المصالح.
إن تقسيم العراق
إلى ثلاثة دويلات نعم سيضعف قوة العراق كوحدة وطنية ولكنه سيؤدّي
إلى:
1-
الأكراد في شمال العراق والمشاكل الحدودية بفعل الجغرافية
الطبيعية لوجود الأكراد في إيران (8 مليون) وفي تركيا أكثر من
(12 مليون)، وحتماً مهما قيل ويقال وسيقال من الجانب الكردي
اليوم بانهم لا يريدون الانفصال. الا ان الاكراد يتطلّعون إلى
كردستان الكبرى وبهذا ستدخل المنطقة في دوامة واعتداءات وحروب
متوقّعة، فهل ستسكت تركيا وإيران على ذلك؟
2-
دويلة الشيعة المقترحة في الجنوب، من المؤكّد أنه ان لم تنضم
رسمياً الى إيران فإن سياسات قادتها في المجلس الأعلى للثورة
الإسلامية وحزب الدعوة تتناغم مع السياسات الإيرانية لأنها عاشت
ودُعمت من قبل الحكومة الإيرانية، وقد يؤدّي هذا إلى إنشاء
الهلال الشيعي لينضمّ إليه شيعة الإحساء في المملكة العربية
السعودية، فهل ستخدم هذه الخطوط أمريكا وإسرائيل؟
3-
التركمان في شمال العراق وخاصة كركوك، ماذا سيكون موقفهم،ولمن
سيتبعون؟ وهل ستسكت تركيا على إزالة الطيف التركي من العراق
والذي سيحصل نتيجة هذا التقسيم؟
4-
الأشوريين وبقية المسيحيين واليزيدية والصابئة في سهل نينوى، هل
سيوافق السنة على تشكيل محافظة خاصة بهم؟ أم ستضم مدنهم بالتصويت
المنفرد بنسبة66% لسكان كل مدينة الى حكومة كردستان حسب ما جاء
في دستور إقليم كردستان حيث تطالب بمدنهم. ورغم يقيننا أن امريكا
والدول الأوروبية لا يهمهم من مسيحيي العراق بل العالم أجمع سوى
مصالحهم، ولكن على امريكا ان تنظر الى مصالحها المستقبلية في
المنطقة لان خسارة طيفين من أطياف قوس قزح العراق سيؤدي إلى خوف
دائم واضطرابات في العراق وينسحب على كل المنطقة. فلمصلحة من في
النهاية سيصب كل هذا؟
وماذا
عن بغداد الجريحة؟ هل ستقسم إلى كانتونات شيعية وسنية؟ وماذا عن
الأكراد الشيعة والمسيحيين والتركمان في بغداد؟ كيف سيتم
التعامل معهم؟
يا قادة العرب
السنة والشيعة
اتفقوا ولو لمرة
واحدة من أجل وحدة العراق وكونوا خير أحفاد لأبطال ثورة العشرين
والتي انضم إليها رجال الدين السنة وعشائرها فكانت شعلة ستبقى
منيرة في تاريخ العراق الحديث. اما الاخوة الاكراد فيعلمون جيدا
ان الانفصال عن العراق لن ينفعهم لان امريكا راحلة ان عاجلا او
آجلا، والعراق باق ابدا وجغرافية الدول المحيطة بالعراق لن تستطع
لا امريكا ولا اسرائيل ان يغيراها، رغم ان من مصلحة اسرائيل
تفتيت الدول العربية الى دويلات صغيرة.
اعملوها يا قادة
العرب السُنة والشيعة والاكراد وانسوا ما مضى وكان، ولملموا
أنفسهم ووحّدوا صفوفكم من أجل وحدة العراق والعراقيين وحاربوا
التقسيم بشدة. والا فان ابنائكم والاجيال القادمة سوف لن ترحمكم
ابدا، وسيلعنكم التأريخ كما لعن ابو رغال. وقد اعذر من انذر.
|