تسلم
مكيخا، إذا، العهد والطرحة وعاد الى كنيسته بسوق الثلاثاء على
بغلة مزيّنة، يواكبه اثنان من أكابر الامراء يرفعان فوق رأسه
عهد الخليفة. بعد ذلك في ربيع العام 1256.
لا نسمع
بعد ذلك ذكرا للجاثليق حتى احكام الطوق المغولي على بغداد. إذ
لما رأى الخليفة أن لا أمل يرجى، ألّف وفدا ضمّ الوزير العلقمي
ونجم الدين عبد الغني بن دريوس والجاثليق مار مكيخا. وأمرهم
"أن يأخذوا ذهبا كثيرا ونفائس ملكية وخيلا عربية" وأن يطلقوا
من السجن السفراء الذين بعثهم التتار من قبل وأن يخلعوا عليهم
الخلع السنّية ويلبسوهم الثياب الفائقة وأن يصحبوهم إلى لدن
ملك الملوك. كان على الوفد أن يطلب الامان للخليفة وأولاده
وأهله وأن يعتذر بأن ما بدر من تأخير في تسليم المدينة وقبح
معاملة الموفدين المغول، إنما يعزي إلى سوء مشورة بعض الخونة
من أصحاب الخليفة. فإن رأى ملك الملوك أن يمنّ عليهم بالحياة
صاروا جميعهم عبيده ورعاياه ودفعوا الجزية.
استقبل
هولاكو الوفد، إلا أنه استبقاهم في عسكره ومضى في الحصار.
معلوم ما عقب ذلك من المآسي: سقوط بغداد والمذابح التي تعرّض
لها أهلها على أيدي الكٌرج النصارى، حلفاء المغول، وقتل
الخليفة . . . أمّا نصارى بغداد فإن الجاثليق جمعهم في الكنائس
من بعدما رجع بالامان لهم من عسكر المغول. وقد بقي هو في كنيسة
سوق الثلاثاء، ولم يصب أحد من طائفته بمكروه، وذلك بأمر صريح
من دوقوز خاتون زوجة الايلخان الاول النسطورية. |