مار شمعون بر صباعي (328 - 339)

 

من بين اسماء بطاركة كنيسة المشرق، يسطع اسم مار شمعون برصباعي من الاسماء المهمة.  حيث احتل اسمه، بسبب شهادته، اهمية خاصة في تاريخ الكنيسة، بالاضافة الى ذلك علينا ان نتذكر عهده البطريركي حيث انعقد مجلس "نيقية" في تلك الفترة. بالرغم من عدم مشاركة البطربرك شخصيا. الا انه من المعتقد ان عدد من ممثلي كنيستنا ومن ضمنهم مار افرام (الذائع الصيت) حضروا المجلس.

في عام 320 ميلادية اصبح مار شمعون برصباعي رئيس كنيسة المشرق. عندما كان شابور الثاني (339-379 ميلادية) ملكا على فارس. وقسطنطين امبراطورا على الرومان. مدعيا بانه حامي المسيحيين، كتب قسطنطين الى شابور الثاني يطلب منه حماية المسيحيين في فارس. من سوء الحظ ان كلا الامبراطورين كانا في حرب مع بعضهما والفرس كانوا يرتابون من فعاليات المسيحيين.  

بسبب الخسائر الجسيمة التي احدثتها الحرب بين البلدين امر شابور الثاني مار شمعون بجمع ضرائب مضاعفة من المسيحيين. رفض البطريرك ذلك بسبب فقر جماعته. لم يكن يرغب في ان يكون محصل ضرائب. وبسبب تاثير السلطة الدينية للزرادشت الذين كانوا يحيطون بالملك، وبالرغم من كون شابور الثاني صديقا شخصيا للبطريرك. امر الملك باعتقال البطريرك والتدمير الفوري لكل كنائس المسيحيين. 

المركز الرئيسي لكنيسة المشرق في تلك الايام كانت مدينة "سلوقيا". اُعتقل البطريرك ونُقل الى "كرخا د ليدان". منح البطريرك بركته الاخيرة الى رعيته "ليكن صليب ربنا حاميا لشعب المسيح. ليكن سلام الرب مع عبيد الرب ويثبت قلوبكم في الايمان بالمسيح. في العسر واليسر. في الحياة والموت .. الان والى الابد."

عظمة هذا الكاهن الشجاع في كنيستنا تنعكس وبصورة جلية على موقفه الصلب والجرئ، عندما طلبوا منه ان يسجد للشمس مرة واحدة فقط من اجل رفع الاضطهاد عنه وعن شعبه. رد مار شمعون "ان الشمس حزينة على موت خالقها"* بالرغم من الحاح صديقه شابور الثاني، اصر البطريرك الجليل على موقفه ونال اكليل الشهادة في اول ايام صوم الفطر في 339 ميلادية حيث حدثت بعد ذلك اضطهادات كثيرة.

استشهد مار شمعون من اجل انبل هدفين يمكن لرجل ان يضحي من اجلهما.. ايمانه بالرب وشعوره بالمسؤولية تجاه شعبه هي امثلة لكل الاجيال اللاحقة، حياته تعلمنا عدة دروس ممتازة. لو لم يكن ايمانه قويا بالرب لكان قد سجد ولو لمرة واحدة. وان لم يكن يشعر بمسؤليته تجاه شعبه لكان قد حاول تحصيل الضرائب المضاعفة لتجنب الاضطهاد. ولكن مار شمعون لم يكن من ذلك النوع الجبان. نشكر الرب على هكذا بطريرك. لنسير على خطى البطريرك الجليل الذي نال  اكليل الشهادة. 

اثناء الذكرى السامية لهذا البطريرك الشهيد لا يسعنا الا ان نذكر "تربو" اخت البطريرك حيث خدمت الكنيسة كشماسة. هي الاخرى كانت قد اُعتقلت في "ساليق" لان اليهود ادعوا بان مرض الملكة نتيجة سحر وشعوذة "تربو" التي كانت تثأر لموت البطريرك الشهيد مار شمعون برصباعي.  

بعد اعتقال "تاربو" مع اختها وخادمتهم. تم اقتيادهن الى العاصمة. بعد ذلك حكم كاهن الزرادشت بالموت على السيدات الشجاعات .. ثم تم تقطيع اوصالهن  وحُملت الملكة في عربة لتنتقل بين جثث الفتيات القديسات

*(المترجم) اشارة الى كسوف الشمس في لحظة اسلم المسيح روحه على الصليب.

 هو من اهل الشوش(إيران)،وقيل من المدائن، ولد بعد منتصف القرن الثالث ،وفي مطلع القرن الرابع نلقاه تلميذا لدى الجاثليق فافا ثم اركذياقوناله، اما لقب بر صباعي ـ اي ابن الصباغين او من ال صباغ ـ فيقال إنه اطلق على الأسرة لكونهم يقومون بصبغ الحرير والثياب الملوكية .... اصبح مار شمعون جاثليقا بعد فافا سنة 329 وامتاز بذكائه الحاد و بهيئته المهيبة ، حتى ان شابور الثاني الفارسي كان يحترمه إلا ان الضغوط الدينية و الأحداث السياسية و الأطماع التوسعية لدى الملك الفارسي حملته على اختلاق شتى الذرائع لألحاق الأذى برعاياه المسيحيين ، وجاءت مكائد المجوس ودسائس اليهود و النكسات التي مني بها الملك في حروبه ضد الروم لكي تذكي نيران الحقد في قلبه على المسيحيين الذين اعتبروهم زورا خونة البلاد و موالين للروم، وإذ كان في ضائقة مالية وعاجزا عن تمويل جيشه ، فرض على المسيحيين ضريبة مضاعفة، وامر الجاثليق بتولي جبايتها ،وإذ رفض مار شمعون هذه المهمة المجحفة بحق المسيحيين، القي القبض عليه وعلى عدد كبير من الأساقفة والكهنة، وسيقوا إلى منطقة الأهواز حيث كان الملك مقيما، وتوالت الأستنطاقات و تنوعت التهم، وظل الجاثليق صامدا في حقيقة إيمانه، وفي 14 نيسان سنة 341 يوم جمعة الآلام نفذ حكم الاعدام فيه وفي الذين معه ، وبدا إضطهاد هائل ، لا بل مجزرة رهيبة فيها بذل الألوف من المسيحيين دماءهم رخيصة في سبيل إيمانهم(الأضطهاد الأربعيني)ودفن جثمان مار شمعون في الشوش، ويحتفل بتذكار هؤلاء الشهداء يوم جمعة المعترفين بعد احد القيامة، وتقيم كنيسة المشرق تذكارا خاصا للجاثليق الشهيد في الجمعة السادسة من سابوع الصيف، إذ في تلك الجمعة خصص مذبح لاكرامه في مدينة كرخ ليدان.
اقتباس/ نزار ملاخا