من كتاب:
"تاريخ تعاقب البطاركة المار شمعونيين"
تاليف الاستاذ تادورس بيت مار شمعون.
تعريب
وليم ميخايل
بعد حادثة
استشهاد مار بنيامين. بولس اخ مثلث الرحمة مار بنيامين شمعون
رُشح للمنصب البطريركي. رُسم ارشميدت (اركدياقون) في
11-اذار-1918 في خوسرَبَد-سلامس على يد الاسقف مار ايليا.
مار بولس كان يصغر مار بنيامين بـ 6 سنوات. وجسمه كان اضعف، خاصة بعد
توليه هذا المنصب الرفيع كرئيس للكنيسة والشعب، عذاب والآم
رحيلنا من اورمية الى العراق. اثقلت الاعباء اكثر على صحته.
4-نيسان-1918: اسقف جيلو مار زيا سركيس، وأوو ابن شمويل خان، وبعض
وجهاء الشعب، معهم ستون فارسا موفدين من اورمية الى سلامس
ليصحبوا الارشميدت (اركدياقون) بولس الى اورمية حيث يتوج
بطريركا خلفا لاخيه المرحوم مار بنيامين.
14-نيسان-1918: يوم الاحد -عيد الشعانين- مار بولس تُوج بطريركا على
كنيسة المشرق على يد المطران مار اسحق خنانيشوع. والاساقفة مار
زيا سركيس.. مار ايليا ومار يوسف خنانيشوع. والكثير من الكهنة
والشمامسة الذين شاركوا في هذه المراسيم. وبحضور ممثلي المذاهب
الاخرى. ورؤوساء العشائر ووجهاء الشعب. وجمهور واسع وقوة
عسكرية على جانبي الطريق. كان احتفالا منظما مهيبا.
24-نيسان: القائد داويد ابرق الى قداسته قائلا: "الجيش التركي يزداد
عدده باضطراد، العدد الان يبلغ فرقتين ما عدا القوات
الايرانية والكردية المتحالفة معهم. هؤلاء كانوا بالالاف ايضا
جلبوا معهم المدافع. جبهة الحرب كانت واسعة جدا. ونحن في
سلامس لا نستطيع الصمود لوحدنا امام العدو. ارسلوا لنا الف
مقاتل من اورمية بسرعة".
قداسته طلب من فلكونك قوزمن الذي كان مسؤولا عسكريا ان يستجيب للنداء.
فلكونك وعلى الفور امر بطرس وخوشابا ان يجهزوا الف مقاتل
ويذهبوا باقصى بسرعة الى سلامس. بطرس اجابه :"غدا سنتوجه الى
سلامس مع عدد المقاتلين المذكور."
27-نيسان-1918: البطريرك مار بولس ترك اورمي الى سلامس، وكان في وداعه
أوَّو ابن شمويل خان ومعه كثير من الفرسان.
في خان تختا، مالك خوشابا جاء وقال للبطريرك: نحن جئنا الى هنا 400
شخص" واراه جبهة القتال التي يحتلها الاتراك وحلفائهم
الايرانيون والاكراد. مار بولس رد "لكنك وبطرس وعدتم الف رجل،
كما طُلب منكم. والان جئتم بـ 400 رجل فقط" مالك خوشابا رد
عليه" لم أكن أنا الذي وعد، بل بطرس".
آغا بطرس كان يريدنا ان نترك سلامس، وسكان سلامس يذهبون الى اورمية،
لكي نستطيع ان نصمد بوجه الاتراك.
جبهة غرب بحيرة اورمية الممتدة الى الشرفخانة كانت تحت سلطة المقاتلين
القادمين من اورمية. وجبهة الشمال والغرب لآشوريي سلامس. في
سلامس كان 1500 مقاتل. يعني كتيبتين كبيرتين مسلحتين ومدربتين
من سكان خسروباد وقَلَسَر، وكانوا دائما مستعدين للقتال.
وكانوا يقيمون في بيوت مخصصة لهم. لكن اورمية لم يكن لها جيش
منظم. وكان هؤلاء مقسمين الى مجموعات (مئتين)، بعضهم تحت قيادة
الروس واكثريتهم تحت قيادة الاشوريين.
1-حزيران-1918: الساعة السادسة صباحا، بدات حربا شرسة على كل الجبهات.
بعد ستة ايام من القتال الضاري. مالك خوشابا واغا بطرس تركوا
جبهتهم وعادوا الى اورمية بدون ان يخبروا اخوانهم في سلامس.
وعندما عُلم بتركهم جبهتهم، دب الرعب بين الجماهير. سبب الخوف
هو ان الاتراك سيقطعون طريق الشعب من الوصول الى اورمية
للخلاص.
في اليوم السابع، زيا أخ البطريرك الذي كان على تلة كنيسة مار يوخنن،
أخبر البطريرك بان قوة تركية كبيرة مع مدافع وصلوا توا من
مشَقَلن، وانهم يستخدمون القصف المدفعي الشديد ضدنا. 200 فارس
مقاتل من الارمن تركوا مناطقهم وذهبوا الى بيوتهم ونحن متروكين
لوحدنا".
البطريرك اصدر امرا الى القائد داويد والقوات التي معه بان ينسحبوا
تدريجيا، حتى يتم انقاذ الناس. ولا يقطع الاتراك طريق اورمية
عندها تقع الجماهير في الاسر. وبنفس الوقت امر البطريرك كل
الاشوريين بان يتركوا قراهم بسرعة ويتوجهوا الى اورمية.
في يوم وصول الجماهير من سلامس الى اورمية. راينا الاتراك يحاصرون
اورمية من الغرب ومن الجنوب، والمعركة حامية. حيث وصلت
الجماهير لتوها من حرب السبعة ايام في سلامس ويومين في الطريق
الى اورمية، متعبين بلا راحة ولا نوم، تم تشكيل قوة عسكرية
وارسالها الى جبهة القتال. هذا ما كان يقصده مار بنيامين
لتنظيم 3000 مقاتل من الجبال واورمية وارمينيا، لكن الجيش
عندما يكون نظاميا، عندئذ يكون مستعدا للقتال كل دقيقة. وفي
غياب القوة النظامية المنظبطة، يصعب استنفار الناس من بيوتهم
ودفعهم الى الجبهة.
وفي يوم 10-حزيران: هجم الاتراك على جبل سيرا. الخطان الاول والثاني
للاشوريين انهزما بسبب كثافة نيران المدافع والرشاشات التركية.
مالك خوشابا اخذ معه عشرة رجال من المقاتلين وذهب الى المدينة بدون
تبليغ اغا بطرس. على بوابة المدينة التقى البطريرك مار بولس
الذي كان ذاهبا الى جهربش. البطريرك سال خوشابا: "كيف سير
المعركة؟" ماليك خوشابا رد "عزيزي هجمات الاتراك ضارية، ومن
المحتمل انهم احتلوا الان حتى قلعة الامريكان".
ماليك خوشابا ذهب الى بيته ومعه المقاتلين العشرة. واخذ معه ابنه
داويد وهربوا الى جبال هيكاري.
المقاتلين الفدائيين من اشيتا تحت قيادة بوكو ابن الريس اوشانا
داشيتا، والتخوميين بقيادة القس كيوركيس وتخوما، والقس زكريا
البازي، والشماس دريوش، وايو د بروار السفلى، كركنيا ونوجييا
ومعهم اغا ايزريا.
11-حزيران: حتى مار يوسف خنانيشوع ذهب للقتال مسلحا. في سيرا، هؤلاء
المقاتلين الفدائيين قاموا بهجوم على خندق العدو مستخدمين
القنابل اليدوية بدون اعتبار لسلامتهم. وبهدف انقاذ شعبهم من
ايدي العدو. "سيرا" سقطت، وانهزمت القوات التركية والكردية في
هذه المعركة على جبل سيرا فقدنا (60) مقاتلا، اكثرهم من اشيتا.
معركة اخرى خضنا غمارها مع القوات التركية والايرانية ومعهم الاكراد
القدمين من سلامس، ولكن بعون الرب، سبحانه وتعالى تحقق النصر
لنا.
1-تموز-1918: وصلت طيارة بريطانية، طيارها كان اللفتانت فيكتون.
ارسلته الحكومة العسكرية البريطانية القادمة لنجدتنا. وكذلك
اكد اللفتانت فيكتون الوعود التي قطعها لنا الكابتن كريسا. وهي
ان الحكومة البريطانية تعترف بالاشوريين كحلفاء شهادة بشجاعتهم
القتالية وفقدانهم وطنهم وتضحياتهم التي لاتعد ولا تحصى
والشهداء والتضحيات الكبيرة التي لاتستطيع الحكومة الانكليزية
ان تتجاهلها".
أنكلترا مستعدة لتاسيس حكم رسمي لكم في هيكاري. مستقل بشكل كامل عن
الاخرين. وتحت قيادتكم".
المرحوم زيا بيت شمعون، الاسقف مار يوسف خنانيشوع، الاسقف مار زيا
سركيس، اغا بطرس وآوو ابن شمويل خان وآخرين من رؤوساء ووجهاء
العشائر ومعهم الفين فارس خرجوا من اورمية الى ساين قلعة للقاء
الانكليز الذين أدعوا بانهم جاؤوا لمساعدتنا. من ضمن الجيش
الذي يضم الانكليز والهنود والذي جاء الى اورمية لمساعدتنا.
كان الكابتن ريد العارف بلغتنا وعلى المام بوطننا وشعبنا
وعاداتنا. العقيد (كرنل) مكارثي الذي كان رئيس البعثة العسكرية
القادمة لمساعدتنا قال لزعماء الاشوريين الذين ذهبوا لاستقباله
عودوا انتم اولا الى اورمية لاننا نصحب احمالا ومخازن عتاد
وغيرها. سيستغرق وصولنا عدة ايام الى ان يتم ذلك، وجودكم في
اورمية ضروري. عندئذ اخرج الكابتن ريد ثلاثة صناديق مليئة بالـ
"تومانات" (العملة الايرانية). اعطى احدها الى زيا، وآخرى الى
مار يوسف والثالثة الى مار سركيس، وقال خذوا هذه مصاريف الجنود
الى ان نصل نحن. زيا.. مار يوسف.. مار سركيس رفضوا استلام هذه
الصناديق ومسوؤليتها. عندئذ قال اغا بطرس "ساستلمها انا" كابتن
ريد لم يرغب في اعطائها الى اغا بطرس. لانه كان على معرفة به
مذ كان ضمن ارسالية اسقفية كانتربري في بلادنا. لكن زيا..
ماريوسف.. مار سركيس" رفضوا استلامها. عندئذ اضطر ليسلمها الى
اغا بطرس. عندما كنا في مخيم بعقوبة. كابتن ريد قال لنا
"هذه الصناديق الثلاثة التي سلمناها الى بطرس لصرفها على
النشاطات العسكرية في ايران. الان حكومتي تطلب تطلب ان
استرجعها من بطرس، لكنه قال لي "ان الصناديق كانت محملة على
البغال عندما سلبها الايرانيون من ساين قلعة". الكابتن ريد قال
"انا اعرف ان هذا غير صحيح، لكن ماذا استطيع ان اعمل، في الحرب
كل شئ ممكن حدوثه".
نعود الان الى حيث كنا.... عندما راى العدو خروج الفين مقاتل من
اورمية، الجيش التركي ازداد عدده، فرقتين جاءت من الشمال (من
سلامس). واثنتين من الجنوب (من الموصل) معهم الجيش الايراني،
والاف الاكراد من قطاع الطرق (جيش غير نظامي). هجموا علينا.
بعد قتال حامي لعدة ايام، هُزمنا وهربنا الى ساين قلعة.
هناك التقينا بعض الانكليز وبكل مقاتلينا الذين ذهبوا لاستقبالهم. كما
ان هناك سر لم نستطع ان نفهمه (نحل لغزه)، حيث الانكليز توغلوا
في ايران لمئات الاميال، لماذا لم يتقدموا مئات اميال اخرى
ويصلوا الينا في اورمية حتى نبقى في وطننا سالمين ولا نهرب؟ لو
لم يذهب الفين من مقاتلينا لاستقبال الانكليز، فكان من الممكن
ان نصمد امام هجمات الاتراك ولم نكن لنترك بلادنا.
البعض
يقول ان ترحيلنا قد خطط له ودبره مسبقا الانكليز لـثلاثة
اسباب:
1- لينكثوا وعودهم باستقلالنا.
2- لحاجتهم الينا في مشاريعهم في دول الشرق.
3- كانوا يرغبون في الاستيلاء على هيكاري (دون ان يكشفوا تدخلهم) والحاقها
بالعراق تحت ارادتهم.
لا يهم
ماذا كان هدفهم (ما هي نوياهم) لاننا فقدنا ارضنا ووطننا
واملاكنا وبيوتنا والاف الرجال والنساء والاطفال، قُتلوا
واُسروا.. ماتوا في الطريق من المرض والتعب والجوع. هذه كانت
وعودهم لنا.
الفقرات التالية ماخوذة من كتاب القس يوئيل وردة، الذي طُبع في امريكا
1924 بعنوان "ضوء اسيا المترجرج" هكذا يكتب: اني آسف لاقول ..
أن اشوريو فارس غير مثمرين على الاطلاق.
يقول في الصفحة 178: الانانية في الارمن وأشوريو أيران، الارمن منعوا
موفد اندرانيك باشا من الوصول الينا. امسكوا وقتلوه، لوجود
اعداء له يكرهونه. هذه الانانية فيهم. والا، فان اندرانيك كان
قد وصل بالقرب من خوي. ولو كان قد وصل. لكان قدم مساعدة كبرى
لنا. لكن انانيتهم منعت ذلك. الكنائس والمذاهب الغربية
المتغلغلة في شعبنا في ايران ادت الى افسادهم وزرع الانانية
فيهم .. الشقاق .. العداوة والكراهية .. هذه كانت نتيجة
المذاهب الغريبة بين ابناء شعبنا.
في الصفحة 180 من كتاب القس يول وردا يقول: جنرال ميجور السلطانا كان
يتعقب الاشوريين من اورمية الى ساين قلعة، حيث كان الشعب يرحل،
وصل الى ساين قلعة .. مرهقا ومتعبا.. مع الاشراقات الاولى
للصباح الباكر.. بدات نيران اسلحة الجنرال تحصد عوائلنا ..
الرجال والنساء والاطفال ما زالوا نائمين، حيث قُتل منهم خمسة
آلاف هناك. هذا الجنرال ابرق الى تبريز يقول: "خمسة الاف اخرين
ارسلتهم الى جهنم".
في الصفحة 182 يقول القس يول وردا: "ارشاد الهومايون، هو وزوجته كانوا
لاجئيين لدى الاب الفرنسي مونسنيور سونتاك في الارسالية
الكاثوليكية كانوا يتمتعون بالكرم والضيافة الى ان تركنا
اورمية. عندئذ هو واعني ارشاد الهومايون .. دبر مقتل مونسنيور
سونتاك وستة الاف اسير، رجال ونساء واطفال الذين لجأوا في
الارسالية. وكذلك في مقر الارسالية الارمنية. بين 16000 و
17000 كلهم قُتلوا في اورمية وقراها. عدا 600 شخص نجوا بطرق
مختلفة".
القس يوئل وردا يكتب ايضا: "الى حين وصولنا الى هَمدَن، تكبدنا 15000
رجل وامراة وطفل بالقتل .. المرض.. والجوع وغيره. و3800 رجل
وامراة وطفل ذُبحوا في خوي. ليصل العدو الى 3600 رجل وامراة
وطفل فقدنا في ايران. بالطبع هذا العدد لايشمل المذبحة الاولى
التي حدثت اثناء انسحاب الروس من اورمية. لو جمعنا كل ذلك، حجم
خسائرنا في ايران يصل الى 40000 شخص. لكننا لا نذكر ذلك ابدا
في جمعياتنا في هذه البلاد. لكن من اجل 600 شخص قُتلوا سنة
1933 في العراق باوامر من الفريق بكر صدقي الكردي نحتفل كل عام
بتلك الذكرى مع نصب تذكاري او اكثر.
بوصولنا الى ساين قلعة، مثلث الرحمة مار بولس وجليلة الاحترام سورما
بيت مار شمعون كمترجمة له. وفرسان يتقدمونهم. ونحن الاخرين
الصغار نقف كلنا خلفهم. خرج العقيد (كرنل) الانكليزي الذي كان
قائدا للجيش او القوة القادمة لمساعدتنافي اورمية، وكان
البطريرك يرغب التكلم معه. فتحدث معه عن احوال شعبنا. فجاة
وبلا توقع، خرج الدكتور شيد، المبشر.. وتكلم بغضب شديد مع
العقيد ضد مار بولس. محاولا اقناعه بان مار بولس هو سبب تركنا
اورمية. لكن هذه الدعاوى كانت كاذبة. ولا اساس لها من الصحة.
د. شيد ظل في الخيمة مريضا ولم يخرج من هناك، حيث عاجله الموت ودفن
هناك. من الانصاف القول : مار بولس خرج يتفقد الشعب من
الساعة التاسعة صباحا.. حيث تناول فطوره وخرج راكبا فرسه بصحبة
رفاقه لتجنيد الشباب في قوة غير نظامية ، لان الناس لم يكونوا
يتطوعون للحرب. عندما اراد مار بنيامين تشكيل جيش في اورمية.
دكتور شيد كان ضده. لذلك اراد ان يلقي اللوم على مار بولس.
مار بولس كلما حاول تجنيد مقاتلين من المخيمات من القادمين من سلامس
واورمية. كان يجمع 20 او 30 شخصا. ليرسلهم في مهمة، كان هؤلاء
يعودون الى ذويهم ليبقى منهم 7 او 8 فقط. هذه كانت نتيجة الجيش
الغير نظامي.
في الساعة الثانية عشر، منتصف النهار، بدأ الارمن بالهروب الى ساين
قلعة ومعهم كل ما يملكون بسبب وجود امل في خلاصهم بوصول
الانكليز الى ساين قلعة. في هذا كان خلاصهم. والاشوريون ايضا
بداوا بالرحيل الساعة الرابعة. مار بولس حاول جاهدا بالاقناع
وبضرب الساط ان يعيدهم لكنهم كانوا يجدون سبيلا آخر للهرب.
جهوده لم تفلح، في الساعة الحادية عشر ليلا. مار بولس وصل الى
البيت مرهقا، حيث تركه منذ الصباح، طيلة الوقت لم يذق طعاما،
في تلك الحال، جاء من يخبرنا، بأن كل الشعب قد نزح.. الارمن
والاشوريون.
نحن خرجنا من جهربش في الساعة الثانية عشرة والنصف ليلا. لكن هذا
الدكتور شيد كان يحاول القاء اللوم على مار بولس. لم يكن يقول
بانه هو نفسه السبب في نزوحنا هذا وتركنا للوطن. لم يدع مار
بنيامين يشكل الجيش النظامي. اذا كان لدينا جيش منظبط.. لم يكن
ليحدث كل هذا.
رحيلنا من اورمية الى هَمدَن استغرق 19 يوما من العذاب والمرض والجوع
والعطش تفوق الوصف. وعشرين يوما آخرى من هَمدَن الى مخيم
بعقوبة حيث الخيام و مستشفى كانت معدة للقادمين، هذه المساعدة
اتت من الدول الاوربية والولايات المتحدة لمساعدة النازحين
الاشوريين والارمن. بوصولنا الى هَمدَن، شكل الانكليز قوة
مؤلفة من الف اشوري جبلي وقوة اخرى من الف اشوري من اورمية،
حيث حلوا في مخيم بعقوبة وهناك دربوا القوة، ومن بعد التدريب،
عسكرت الفرقة الجبلية في صفنا وبروار لتأديب الاكراد
المتمردين.
2-كانون الاول- 1918، الاسقف مار يوسف خنانيشوع تُوج مطرانا في مدينة
بغداد، في كنيسة سانت جورج للأنكليز.. بعد الطقوس .. كل
الحاضرين من كهنة الكنائس المختلفة ورؤوساء العشائر اقترحوا ان
تقوم جليلة الاحترام سورما شقيقة البطاركة مار بنيامين ومار
بولس ان تتوجه الى انكلترا وتقدم القضية الاشورية الى اجتماع
الحلفاء المنعقد في لوزان. هذا الاقتراح وافق عليه المندوب
السامي البريطاني في بيت-نهرين، انذاك جليلة الاحترام سورما
سافرت مندوبة عن الامة الاشورية على نفقة الحكومة البريطانية.
اشتد المرض بـ مار بولس، لذلك ارتأوا أن يتوجه الى دير مار متي لقضاء
أشهر الصيف هناك. لأن الطقس هناك أفضل منه في مخيم بعقوبة
ورافقه السيد نيسان وزوجته وشليمون ماليك اسماعيل و12 جنديا
اشوريا للحراسة.
سنة واحدة بعد ذلك. ارادت السلطات الانكليزية الغاء (ازالة) المخيم.
طلبوا من المطران مار يوسف والسيد زيا شقيق البطريرك تبليغ
الشعب بانه سيعود الى موطنه. هم ردوا "ان كنتم تريدون مساعدتنا
فنحن مستعدون ولكن بدون مساعدتكم لا نستطيع ان نحارب وننتصر
على دولتين تركيا وايران. اجاب العقيد: انكلترا لا تستطيع
مساعدتكم، انتم تساعدون انفسكم". معناه ان الحرب انتهت وان
الانكليز لا يحق لهم الدخول في تركيا. مار يوسف والسيد زيا
قالوا: نحن متاسفون، لا نستطيع العودة لوحدنا."
في نهاية عام 1918، الانكليز طردوا اغا بطرس واخوه اغا مرزا، من مخيم
بعقوبة لانهم كانوا يثيرون المشاكل بين ابناء شعبنا. وفي بداية
سنة 1920 اغا بطرس واخوه اُعيدوا الى المخيم لقيادة عودة شعبنا
الى مواطنه الاصلية. لان اغا بطرس كان قد اعلن استعداده لتنفيذ
هذه المهمة. الحكومة البريطانية ايدت عودتنا. ومضايقات كثيرة
حدثت للذين رفضوا العودة. المساعدات الغذائية توقفت. اسقطوا
الخيام فوق رؤوس ساكنيها. اعتقلوا الكهنة، وحلقوا لحى بعضهم
واساءات اخرى.
كان هدف الانكليز ان نسترد هكاري، عندئذ يعودون هم الى بيت نهرين.
لانه كان زمن سلام، فلم يكن يحق للانكليز ادخال عساكرهم الى
تركيا. لذلك ارادوا ان نحتل هكاري نيابة عنهم.
باقتراح من الانكليز تم تقديم اعتراض على جليلة الاحترام سورما "بانها
لا تمثلنا". ووقعها بعض الاشخاص الذين كانوا اول من وقع على
اقتراح تمثيلها لنا.
اول العائدين كان سكان اشيتا الذين تركوا مخيم بعقوبة 18-نيسان 1920.
بعد ذلك بدا الاخرين طريق العودة. بصورة خاصة القادمون من
ايران.
27-نيسان 1920: مثلث الرحمات البطريرك مار بولس انتقل الى الحياة
الابدية بعد مرض طال عامين. في هذا الوقت كانت جليلة الاحترام
سورما في لندن-انكلترا. والقائد داويد في الموصل. فقط اخوه زيا
كان معه. اامراسيم الجنائزية قام بها المطران مار يوسف ومار
زيا سركيس اسقف جيلو وعدد كبير من الكهنة والشمامسة. نُقل
جثمان الفقيد الكبير بالقطار الى بغداد. حيث دفن في ساحة كنيسة
اخواننا الارمن.
|