قرى آشورية مشاريع حكم ذاتي مواقع الكترونية رياضة كتب فنون الأعلام الاشوريون فولكلور آشوري التاريخ الاشوري مقابلات وثائق مقالات الصفحة الرئيسية
 

الوسطية مفتاح للصعاب

 

 

بقلم عوديشو ملكو آشيثا
شباط 2007


يقال "فلان رجل صعب"، وسبيل الوصول الى هدف ما "صعب"، وكذلك يصف بعضهم شيئاً بأنه "اصعب من الصعب"، وفي المسائل الشائكة لابد على المهتم بها ان يفكر بـ "اصعب الحلول"....الخ.
ويقال ايضاً "ان الزمن كفيل بحلّ المشكل الصعب". وكذلك يقول احدنا لصاحبه "اتركها للزمن".
وفي عرف السياسة يقال "الحلول الوسط" و "الحلول التوافقية"، وما الى ذلك من مرادفات التفاهم والاقناع.
الصيغ او المواقع (الصعب، الزمن، الوسط) الاساسية الثلاثة، لايقدر عليها الا طراز معين من الرجال المؤمنين بالحياة والانسان, ومن اجل الحياة ومن اجل الانسان يخوضون الصعاب ويتركون المسائل الشائكة للزمن ويبحثون دائماً الى الحلول الوسط، الحلول التي يتم الاتفاق عليها بأقل الصعاب وبأبسط الاثمان ولجميع الاطراف المعنية.
وانطلاقاً من هذه البديهية: "فان الذي يقدم نفسه للقيام بمهام الامة، لابد وان يدرك حجم الهوة بين النجاح وعدم النجاح في زمن الامة". وان يكون مستعداً لتحمل الصعاب، ومؤمناً بعامل الزمن والحلول الوسط، وان يجمع الثلاث. ومن ثم يفكر في مصير هذا الشعب وهذه الامة، لانه ليس أي مصير بل المصير المتعلق بوجودها أو عدمه.
من هنا يتوجب القول، ايها الاخوة، دعونا نتكاشف فيما بيننا! وان استصعب البعض منا ذلك، فلتكن المكاشفة ذاتية أي بين الرجل ومكنونات صدره، أو بينه وبين مرآة قلبه. فلينظر كل منا ببصيرة صافية ونفس نقية الى قلبه! ويسأله بل ليتهامسا معاً في شؤون وهموم الامة، لعمري ان تلك خير مكاشفة. ومن تلك اللحظة، سيبدأ الحل وهو القبول بالاخر والبحث معه عن السبيل الانجع الواجب اتباعه من اجل نقل حالة الامة من اللاوعي الحياتي الى الوعي القومي، والحركة والنهوض والسير مع الزمن الى قمم التطور، وما اجمل تلك القمم للذي يشعر في خلجات نفسه بمعنى وجود الامة وتطورها!
أنت تريد....! وأنا اريد...! ونحن نريد...! الكل يريد! المجموعة تريد! الشعوب والقوميات والامم والدول تريد. والكل، أي انت وانا ونحن وهم وغيرنا وغيرهم ترانا متمترسين خلف اطنان من الوثائق عصارة فكر الاجداد لقرون خلت.
الوثائق تحولت من شدة الولع بها الى اسلحة للقتل والفتك والابادة، ومن منا ومنكم ومنهم لم يصبه التقتيل والابادة والتنكيل والاساءة. الوثائق شوشت العقول، وشلّت الاطراف عن الجري، وحتى السير البطيء اصبح امنية. وكم كسّرت الوثائق اجنحة العقل المبدع للنهوض بالامة من مستنقعها الذي صارت فيه تعايش الضفادع والعقارب...الخ من المسوخ المؤذية والمقلقة للنفس والشعور.
ايها الاخوة: دعوا الوثائق، كلنا لنا وثائق! احتكموا الى الحقائق، فكل من ينجح في اختبار المكاشفة لابد وان يحتكم الى الحقائق. دعونا لا نتخاصم بل ونقاتل عوضاً عن الاخر ـ المعركة بالنيابة خطر فتاك ـ المستفيد من الخصومة والشقاق في وحدة الصف والامة. دعونا من خلال المكاشفة الذاتية، والجماعية افضل، (حيثما اجتمع اثنين فالثالث انا موجود بينهم). نأخذ القرار الصعب ونجتمع ونختار نقطة الوسط مكاناًً للاجتماع (للالتقاء) ـ على ان لا تكون متطرفة عن الجوهر ـ ومن تلك النقطة داخل تلك الدائرة الواسعة التي استوعبت تاريخنا وموروثنا الاجتماعي كله، وخصوصياتنا ومذاهبنا كلها، ولهجاتنا كلها، وتقاليدنا كلها. وهي واسعة أكثر لتحتوي من المظاهر والمفاهيم الاكثر فالاكثر ـ لانها امّنا ـ الكنيسة المشرقية الرافيدينية بمختلف رئاساتها ومدارس لاهوتها، ـ ولانها امّنا ـ حضارة العراق القديم، ولانها امّنا آشور وبابل وأكد.
ومن داخل هذه الدائرة الوسطية الكبيرة ـ دائرة الامة ـ وبعد الارتكان على عنصري المنطق والحقيقة العلمية، وعدم جعل الواقع المفروض طوقاً ثقيلاً في اعناقنا، لنبادر الى اختيار انجع السبل وعلى بركة الله، تاركين ما نختلف عليه الان في عهدة الزمن (الوقت). فالزمن كفيل باذلال الصعوبات للوصول الى الحلول!! ولكن كل شيء في اوانه.
ايها الاخوة ما نحتاج اليه الان هو البيت، فلقرون طويلة كان لنا وطن! ولكن ما كان لنا بيتاً فيه. نريد بيتاً يضمنا جميعا،ً لاننا اخوة في الوطن والدم واللغة والموروث الاجتماعي والديانة، وعلى الاخوة العيش معاً!
وعن كيفية اقامة بيت الامة فمن الضروري الا يقوم إلا على اسس ودعائم الوسطية، وان ينبع من دائرة الايمان بها. وخير مكان لارساء اسس البيت الاشوري المرتقب، ضمن العراق الفيدرالي الموحد، هو الساحل الشرقي من نينوى والى الشمال منها، فهي المنطقة الوسطية من حيث الجغرافيا والحقيقة التاريخية، والمذاهب والنسيج الاجتماعي والى حد ما حتى من الناحية السياسية.
وللوصول الى مبدأ الوسطية في طرح المسألة الاشورية، فلابد ان تكون هناك الرغبة في تحقيق شكل من اشكال الحكم الذاتي داخل محافظة اشورية، وان تكون تلك الرغبة مقرونة بجرأة المكاشفة والقبول بالاخر وعلى مستوى مكونات الشعب العراقي.
وان مبدأ الوسطية هذا، يتمثل الان حقاً في الطرح المقدم من قبل السيد الوزير سركيس آغاجان لحل المسألة الاشورية ـ بكافة مكوناتها ومذاهبها ـ والذي فحواه: [ تحقيق الحكم الذاتي ـ في هذه المرحلة على الاقل ـ واقراره دستورياً وفي المحافل الدولية. في سهل نينوى والى الشمال منه حيثما يسكن الاشوريون بكل فئاتهم].
ومن خلال تطوير هذا الطرح و تحقيقه وجعله واقعاً ملموساً على الارض، يتحقق تلقائياً مبدأ ترك جميع الامور المختلف عليها، سواء الداخلية منها او الخارجية، تركها للزمن القادم وللاجيال القادمة. فالجيل الاتي، لابد وان يكون له شيئاً ليتعامل معه، وانه لمن المستحيل ايها الاخوة ان يحقق شخص أو حزب او مذهب واحد، كل مرام الامة وعلى دفعة واحدة.

      

 
 

تغيير: 07.19.2021

 جميع المواضيع تعبر عن آراء كتابها وليست بالضرورة رأي الموسوعة